التخصيص ووقت مضى
"الله يا وقت مضى لو هو بيدينا ما يروح"، شعرت بالرغبة في ترديد هذا المقطع، وأنا أستمع لمخاوف موظفة من فقدانها وظيفتها في حال التخصيص، حين ناقشتها في الأمر وبدأت في إقناعها بأن هذا النظام سينقل بلادنا نقلة نوعية في مستوى الأداء الوظيفي والخدمات المقدمة لنا كمواطنين في القطاعات المستهدفة بالتخصيص، كما أنه سيكون بمنزلة الغربال للمتكاسلين، الذين يعطلون مصالح خلق الله بكثرة غيابهم واستئذانهم، وقلة إنتاجيتهم، وأن المبدعين، الذين يعملون بإخلاص وكفاءة سيكون هذا النظام داعما لهم، فقد اقتنعت تماما، وحين غادرت شعرت بغصة في صدري على زمن لنا مضى كموظفات أعطينا فيه من القلب وفوق المطلوب منا للوظائف، التي كنا نشغلها، ولم نحصل على تلك المزايا، التي سيحصل عليها الموظف في نظام التخصيص. أتذكر حين كنت معلمة وكثيرات غيري كن مثلي وأفضل، كيف كنا نتنافس في العطاء والدفع من جيوبنا الخاصة بكل حب ودون إجبار، حتى نجعل من فصولنا وكأنها فصول مدارس خاصة من طراز رفيع، وأتذكر في مرة من المرات أنني كنوع من تشجيع طالباتي في الصف الثالث، جمعت رسوماتهن وكتاباتهن وأرسلتها لمجلة الشبل، وما زالت طالباتي يذكرنني بهذه الذكرى الجميلة، على الرغم من تخرجهن من الجامعة الآن، وكنا كمعلمات نبدع في طرح الأفكار وتطبيقها ورعاية المواهب والاهتمام بالإنتاجية في الأنشطة الصفية واللاصفية، والحرص على الوقت، وتسخير كل إمكانياتنا وطاقاتنا كمعلمات وقدوات في سبيل تحقيق أهداف العملية التعليمية.
الجيل السابق سيغبط هذه الأجيال على نظام التخصيص، الذي سيقول للمتميز أحسنت وتستحق كل الامتيازات، التي ستحصل عليها، لأنك شخص تدرك عظم مسؤولية الوظيفة التي تشغلها، وسيقول لمن يهمل في القيام بعمله إنه لا مجال للتسيب واللامبالاة، واليوم هو زمن إثبات الجدارة والكفاءة والإحساس بالمسؤولية، وعدم تعطيل مصالح العباد.
في نظام التخصيص لن يخاف على وظيفته، وينشر الشائعات في وسائل التواصل الاجتماعي، إلا شخص يدرك أن مقاييس الكفاءة الوظيفية لا تنطبق عليه.