المملكة .. قفزات نحو الريادة الرقمية

يحق لكل فرد ينتمي لمنظومة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة الاعتزاز والفخر بتحقيق المملكة المستوى الخامس في مؤشر النضج التنظيمي الرقمي، الذي يعد المستوى الأعلى للمؤشر، وذلك حسب التقرير الصادر من الاتحاد الدولي للاتصالات ITU. وقد قفزت المملكة مستويين في هذا المؤشر خلال الخمسة أعوام الماضية، ما يعبر عن الإصرار والجهود المبذولة من حكومة المملكة للوصول إلى هذا المستوى المتقدم. وبالرجوع إلى الخلف قليلا، وتحديدا عام 2005 عندما حرر قطاع الاتصالات بشقيه الثابت والمتنقل، وفي غضون 16 عاما، تدخل المملكة لنادي الكبار من الدول الرائدة في خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات والخدمات الرقمية. إن هذا التحول النوعي في منظومة الاتصالات وتقنية المعلومات ليؤكد أن المملكة قادرة على الريادة وتحقيق نقلات نوعية ليس في هذا القطاع الحيوي فحسب، بل حتى في القطاعات الأخرى، كالصناعة والفضاء والصحة والاستثمار، وهذا يتأكد مع ما ذكره ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن كسر مزيد من الأرقام المتعلقة بمستهدفات رؤية 2030.
إن استحقاق الدول إلى المستوى الخامس في هذا المؤشر يأتي بعد تبنيها للنهج التنظيمي التعاوني المبني على التنسيق الشامل بين القطاعات ذات الصلة، ليتجاوز التنظيم قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات إلى أسلوب شمولي يعزز الاقتصاد الرقمي. يتمحور قياس مؤشر النضج التنظيمي الرقمي على تطور البيئة التنظيمية ومواكبتها للمستجدات والتقنيات الرقمية، إضافة إلى استحداث سياسيات الاقتصاد الرقمي وتطبيق أدوات التطوير الرقمي.
إن تبوؤ المملكة لتلك المكانة من النضج الرقمي لم يمكن ممكنا إلا بتوافر ثلاثة أركان رئيسة. أولها وأهمها هو الدعم والإرادة والتمكين الحكومي، سواء من سن السياسات والتشريعات اللازمة، أو الاستثمارات الضخمة التي أنفقت في القطاع، وليس انتهاء بالاستثمار في الكوادر البشرية الوطنية بالتأهيل والتمكين. أما الركن الثاني فهو توفير بنية تحتية قوية وسياسيات تنظيمية حديثة وتنسيق مستمر نهض بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في فترة وجيزة.
وتأتي القيادات الوطنية والكفاءات الشابة في منظومة الاتصالات وتقنية المعلومات كأحد الأركان الثلاثة لتنفيذ توجيهات القيادة بالنهوض بهذا القطاع وغيره من القطاعات الأخرى، حيث أدير هذا الملف بجدارة، خصوصا في الخمسة أعوام الماضية.
كما لعبت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات دورا محوريا في تحقيق هذا الإنجاز لكونها الجهة التشريعية لهذا القطاع عبر عديد من المبادرات والمشاريع الوطنية. ومن جانب آخر، أسهمت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات كمنظم رقمي بفاعلية خلال مبادراتها النوعية في الوصول للمستوى الخامس من النضج الرقمي كإصدار خريطة طريق الاستخدام التجاري والمبتكر للطيف الترددي، وإطلاق مشاريع البيئة التنظيمية التجريبية للتطبيقات الرقمية.
إن تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات ليصبح قطاعا رقميا لن يقتصر أثره الإيجابي في القطاع نفسه، بل سيمكن المجالات الأخرى التي أصبحت تعتمد بشكل جوهري على التحول الرقمي كالخدمات اللوجستية والتعليمية والصحية أو الصناعية والأمنية. وأقرب شاهد على ذلك النجاح المنقطع النظير هو فاعلية أداء الجهات الحكومية والقطاع الخاص خلال جائحة كورونا.
إن المملكة اليوم وقد وضعت لنفسها خريطة طريق للريادة في شتى المجالات في ضوء "رؤية 2030"، لن تتوقف - بإذن الله - عن التنافس في الميدان العالمي ما دامت همتها كهمة جبال طويق، وطموحها هو عنان السماء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي