Author

ومن العايدين

|
ليلة العيد هي من أجمل الليالي التي لا يحتفل فيها فرد أو جماعة، بل عالم إسلامي كبير يكاد تعداده يصل إلى ملياري فرد مسلم بمختلف لهجاتهم وألوانهم وجنسياتهم ودولهم ومستوياتهم وعاداتهم وتقاليدهم، التي إن اختلفت في البعض منها إلا أنها في النهاية تنبثق من دين عظيم له شعائره الثابتة في ليلة ويوم العيد.
الاستعداد لليلة العيد ارتبط في وجداننا كأطفال صغار بالحناء، وتلك الأغاني الجميلة التي تنطلق بعد بيان الديوان الملكي عن رؤية شهر شوال، بناء على قرار المحكمة العليا، أغاني امتزجت بنقاء العيد وطهارة القلوب وذكريات حلوة سكنت في الذاكرة وما زالت، يا ليلة العيد لأم كلثوم وأهلا أهلا بالعيد لصفاء أبو السعود ومن "العايدين ومن الفائزين" لمحمد عبده، وغيرها من تلك الأغاني القديمة التي توقظ مكامن الفرح الذي عشناه ونحن صغار، أما صباح العيد فعالم مختلف تماما، حيث "تتشقلب" الساعة البيولوجية تماما فيواصل البعض منا ذلك اليوم دون أن يغفو وتبدأ رائحة الجريش والأرز واللحم بالانتشار في أرجاء المنازل، استعدادا لتسابق الجيران والأهل والأحباب لتناوله بعد صلاة العيد مباشرة، ثم بعده تبدأ زيارة الأهل والأقارب، وكان شغلنا الشاغل كأطفال هو تلك الألوان البراقة من الحلوى و"العيدية" التي نحصل عليها من هنا وهناك، هذا طبعا بخلاف ثوب العيد الذي يشكل سعادة عارمة لكثيرين منا في ذلك الوقت.
اليوم أعيادنا كأشخاص بالغين مصطنعة ومزيفة وتكاد تكون مشاعرنا أسمنتية مثل هذه المنازل الأسمنتية التي نعيش فيها، وأقصى هم البعض منا هو التصوير واختيار أفضل الزوايا ثم إنزالها في السوشيال ميديا من دون الاستمتاع فيها ومشاركة لحظاتها مع الأحبة، صغارنا ما زالوا في تلك المرحلة العمرية التي يجب أن يعيشوا لحظاتها بكل فرح ومتعة وبراءة وطفولة، بعيدا عن وميض كاميرات الهواتف النقالة التي ترسم زوايا الصور المزيفة التي نقوم بإنزالها في السوشيال ميديا.
من حق هؤلاء الأطفال أن يصنعوا ذكريات العيد السعيد في عقولهم، وأن يلعبوا "بمفرقعات" العيد البسيطة التي لا تضرهم، وأن يتدافعوا نحو تلك الأيدي التي تمد العيديات لهم بكل حب، وأن يلطخوا ثوب العيد بالحلويات المتنوعة.
وخزة:
لا تصنعوا من أطفالكم تماثيل أسمنتية جامدة في يوم العيد "حتى تطلع الصورة حلوة".
دعوهم يعيشوا براءة الطفولة وشقاوتها.. وعيدكم مبارك.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها