الطاقة- النفط

التقلبات السعرية تهيمن على أسواق النفط .. تباين في تقديرات تعافي الطلب

التقلبات السعرية تهيمن على أسواق النفط .. تباين في تقديرات تعافي الطلب

بدأ المنتجون في أوبك+ إجراء زيادات تدريجية في الإمدادات النفطية وفق الاتفاق المبرم الشهر الماضي.

استمرت التقلبات السعرية في الهيمنة على أسواق النفط الخام بسبب التباين في تقديرات تعافي الطلب، خاصة مع الدعم القوي الذي يتلقاه من تخفيف قيود الوباء، على نحو واسع في الولايات المتحدة وأوروبا، في مقابل استمرار المعاناة وضعف الطلب في الهند بسبب الإصابات المرتفعة واستنزاف طاقة القطاع الصحي.
وتشير التقديرات إلى أن الاقتصاد الأمريكي يتجه إلى تسجيل أعلى وتيرة نمو خلال عقود، بحسب تأكيدات بنك الاحتياطي الفيدرالي، ما قد يجعل العوامل المحفزة للأسعار أقوى من الضغوط السلبية من الهند وعدة دول آسيوية.
وقد بدأ المنتجون في مجموعة "أوبك +" إجراء زيادات تدريجية في الإمدادات النفطية، وفق الاتفاق المبرم الشهر الماضي، وذلك لدعم العرض في ظل توقعات بتنام واسع في الاستهلاك المحلي في الشهور المقبلة، ما يتطلب إضافة مليوني برميل يوميا بحلول تموز (يوليو) المقبل.
ويقول لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون، إنه رغم أزمة الهند الضارية، ما زال التفاؤل قائما في السوق بقوة، والمعنويات تتنامى بفضل خطط التحفيز المالي الأمريكية ونجاح اللقاحات في السيطرة على انتشار الوباء نسبيا في الولايات المتحدة وأوروبا، ما دفع بنك جولدمان ساكس وبعض البنوك الاستثمارية الأخرى إلى توقع أن تصل أسعار النفط الخام إلى مستوى بين 80 إلى 85 دولارا في النصف الثاني من هذا العام.
وفي هذا الإطار، يقول سيفين شيميل، مدير شركة في جي آندستري الألمانية، إن التحسن مستمر في سوق النفط الخام، خاصة مع خروج عديد من دول الاتحاد الأوروبي من الإغلاق وظهور مؤشرات قوية على تعافي قطاع الطيران، وتوقع موسم قوي للرحلات هذا الصيف، ما جعل التفاؤل يغلب على السوق وآمال تعويض الخسائر السابقة تفرض نفسها بقوة على الصناعة.
وأوضح أن استعادة مستويات الطلب ما قبل الجائحة ما زالت بعيدة نسبيا، رغم أن الجميع على قناعة باقتراب النفق المظلم من النهاية – بحسب تعبير وزراء "أوبك +"، كما ترى وكالة الطاقة الدولية أن استعادة الطلب لمستوى 100 مليون برميل يوميا قد يتأخر إلى عام 2023، مشيرا إلى أن وضع السوق ما زال هشا، وأن اكتمال تعافي الطلب يحتاج بعض الوقت، خاصة مع وجود جهود دولية حثيثة لتنويع موارد الطاقة والاستجابة لسياسات المناخ.
ويرى روبين نوبل، مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن زيادة الإنتاج التي بدأت الشهر الحالي من قبل مجموعة "أوبك +" محدودة، وتستهدف الاستهلاك المحلي بالأساس، كما أن الإنتاج الأمريكي يتعامل بحذر مع زيادة الإمدادات، استجابة لتعافي الأسعار وذلك انتظارا لاستعادة التوازن والاستقرار في السوق، مع تفضيل الاستفادة من مستوى الأسعار الجيدة في دعم المراكز المالية للشركات، وتعويض المساهمين عن فترات الضعف والخسائر السابقة، لافتا إلى تسجيل زيادة حذرة وملحوظة في نشاط الحفر الأمريكي. وذكر أن مجموعة "أوبك +" بدأت بالفعل في تطبيق خطتها التي تحظى بتوافق كل المنتجين، بهدف إعادة المجموعة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة لنحو 2.1 مليون برميل يوميا، من نحو سبعة ملايين برميل تم تخفيضها لمواكبة ضعف الطلب على النفط الخام، منذ بداية الأزمة في العام الماضي، مشيرا إلى وجود زيادات إنتاجية أخرى من دول المجموعة المعفاة من التخفيضات، مثل ليبيا وإيران، حيث تشير التقارير الدولية إلى أن إيران تهدف إلى تصدير 2.5 مليون برميل يوميا بعد رفع العقوبات الأمريكية.
ومن ناحيته، يقول ماركوس كروج، كبير محللي شركة إيه كنترول لأبحاث النفط والغاز، إن إنعاش الاستثمارات النفطية هو التحدي الأكبر بعد اقتراب التعافي من الوباء، موضحا أن هذا الانتعاش هو السبيل الوحيد لتأمين العرض على المدى الطويل، لافتا إلى أن إحصائيات دولية تشير إلى هبوط الاستثمار في المشاريع الجديدة للنفط والغاز العام الماضي، إلى أدنى مستوياته في 15 عاما عند 350 مليار دولار.
ولفت إلى أن التطورات الإيجابية في السيطرة على الجائحة في الولايات المتحدة وأوروبا نسبيا لا تعني أن معركة العالم مع الوباء قد انتهت، وأن تنويع وتحول الطاقة بات هو التحدي الأكبر للمرحلة المقبلة.
وتضيف مواهي كواسي، العضو المنتدب لشركة أجركرافت الدولية، أنه مع نجاح جهود "أوبك +" المتوقع في استعادة الاستقرار والتوازن المستدام في سوق النفط، ومع انتشار اللقاحات وتراجع الإصابات في أغلب الدول قد يترجم ذلك إلى حالة من التعافي في الاستثمارات النفطية، مشيرة إلى تأكيد أحدث تقارير "وود ماكنزي"، أن هناك ما مجموعه 26 مشروعا جديدا في مجال النفط والغاز التقليدي، يمكن أن تحصل على قرار الاستثمار النهائي هذا العام، باستثمارات تبلغ 110 مليارات دولار.
وعدت أن قضية الكربون أصبحت بالفعل قضية مهمة للاستثمارات النفطية أيضا، خاصة بعد انتعاش توقعات الطلب بشكل كبير مع انتهاء عمليات الإغلاق واستئناف حركة السفر مرة أخرى، وارتفاع الطلب على الوقود.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط أمس، ماحية مكاسب حققتها في وقت سابق من الجلسة، بعد أن خفف مزيد من الولايات الأمريكية إجراءات الإغلاق وسعي الاتحاد الأوروبي لجذب المسافرين، ما ساعد على تعويض أثر المخاوف بشأن الطلب على الوقود في الهند، مع تسارع وتيرة الإصابات بكوفيد - 19.
وقبيل افتتاح المؤشرات الأوروبية، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت سبعة سنتات، بما يعادل 0.1 في المائة، إلى 67.49 دولار للبرميل، وذلك بعد زيادة 1.2 في المائة الإثنين.
كما هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي ستة سنتات أو 0.1 في المائة، إلى 64.43 دولار للبرميل بعدما ربحت 1.4 في المائة، الإثنين.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط