أمريكا وخطة التوازن الضريبي العظمى «2 من 2»
يعد وعد الرئيس بايدن بزيادة معدل ضريبة الشركات الرئيس من 21 إلى 28 في المائة خطوة مهمة، لكنها غير كافية في حد ذاتها. فهل لن تضمن تكافؤ الفرص بين رأس المال والعمالة ولن تمنع الشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها من الانخراط في انقلابات ضريبية للفرار إلى سلطات اختصاص أخرى أو من تحويل أرباحها إلى شركات تابعة أجنبية؟ كانت أرباح الشركات الطليقة عاملا رئيسا في التخفيض طويل الأجل لمعدلات الضريبة على رأس المال والشركات، وستظل الشركات متعددة الجنسيات تملك مجموعة كاملة من الحيل لتقليل أرباحها المسجلة في الولايات المتحدة، مثل المعاملات المالية الداخلية لزيادة التزامات ديونها في الولايات المتحدة واستخدام الشركات التابعة الأجنبية لزيادة تكلفة فروعها في الولايات المتحدة (تسعير التحويل). لحسن الحظ، تتضمن خطة بايدن ركيزة ثانية لمعالجة هذه المشكلة تحديدا: الحد الأدنى لضريبة شركات عالمية.
الواقع، إن هذه الفكرة بسيطة نظريا. في ظل ظروف مثالية، ترفع معدلات الضريبة بشكل كبير في إيرلندا، ولوكسمبورج، وسويسرا، وبنما، وجزر فيرجن البريطانية، وغير ذلك من الولايات القضائية التي تسمح للشركات بالتهرب من التزاماتها من خلال المراجحة. إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن الشركة التي يقع مقرها في الولايات المتحدة وتخضع لمعدل الحد الأدنى لضريبة الشركات 21 في المائة وتبلغ عن جميع أرباحها في إيرلندا حيث معدل الضريبة على الشركات 12.5 في المائة، ستفرض عليها ضريبة أمريكية إضافية تعادل 8.5 في المائة من أرباحها.
بطبيعة الحال، سيكون تنفيذ هذه السياسة أشد تعقيدا في الممارسة العملية. فقد أصبحت الولايات القضائية حيث الضرائب منخفضة تعتمد بشكل كبير على الشركات الدولية المتهربة من الضرائب حتى إنها رفضت التنسيق. وفي مواجهة معدل الحد الأدنى لضريبة عالمية في الولايات المتحدة، ربما تستسلم بعض الشركات لإغراء نقل مقارها إلى مثل هذه الدول (ولهذا السبب تتضمن خطة بايدن الضريبية أيضا بنودا لمنع هروب الشركات المراوغة). وإذا رفضت بعض الملاذات الضريبية سيئة السمعة التعاون، فسيفشل أي إطار دولي جديد.
هنا يأتي دور القيادة الأمريكية. تتمتع الولايات المتحدة بقوة مالية هائلة، ليس فقط باعتبارها الدولة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، بل باعتبارها المقر التنظيمي للصناعة المالية العالمية. وإذا قاد صناع السياسات الأمريكية بالقدر الكافي من الإقناع، فستضطر دول أخرى إلى اتباع خطاها. تحتوي خطة بايدن الضريبية بالفعل على بنود تقضي بمنع الانقلاب الضريبي وتتضمن مقترحات للحد من التخفيضات الضريبية لمصلحة الشركات متعددة الجنسيات المنخرطة في المراجحة الضريبية. ومن الممكن أن تتخذ الولايات المتحدة أيضا إجراءات قانونية ضد المؤسسات المالية الأجنبية المنخرطة في الاحتيال الضريبي والابتداع التنظيمي، كما يمكنها العمل مع أطراف متعددة لجلب قدر أعظم من التنسيق والمواءمة إلى الضرائب الدولية على دخول الشركات.
إذا جرى تطبيق الحد الأدنى لمعدل الضريبة العالمي بشكل كامل، فإن هذا من شأنه أن يحدث ثورة في ضرائب رأس المال الدولية. لكن حتى هذا لن يحل مشكلات أمريكا المالية. فلعكس اتجاه الخفض غير العادل وغير الفعال للعبء الضريبي على الشركات، يتعين على إدارة بايدن أن تعمل أيضا على إنهاء علاوات الإهلاك مفرطة السخاء، وتعمل على توسيع القاعدة الضريبية، حتى لا تتمكن الشركات من تجنب الضرائب بمجرد تغيير وضعها القانوني.
يجب أن تكون الضرائب الأكبر على الشركات مصحوبة بتدابير أخرى لتشجيع الاستثمار والابتكار. إضافة إلى دعم البحث والتطوير، تستطيع الدولة أن تفعل مزيدا للمساعدة على زيادة المعروض من المهندسين المدربين جيدا، والعلماء، والعمال المهرة، وتسهيل نشر المعرفة والدراية التكنولوجية.
في وجود ساحة لعب أكثر تكافؤا بين رأس المال والعمالة، يصبح من الممكن حث الشركات على تطوير واعتماد تكنولوجيات جديدة تعمل على زيادة إنتاجية العامل، بدلا من الاستمرار في اتجاه الأتمتة المفرطة الذي شكل هيئة الاقتصاد الأمريكي على مدار العقدين الماضيين. وسيكون العمل لإنهاء هيمنة قلة من الشركات في قطاع التكنولوجيا جزءا لا يتجزأ من هذا الجهد.
لن يحل النظام الضريبي الأكثر عدلا كل مشكلات أمريكا الاقتصادية بمفرده. لكنه سيشكل خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، وسيساعد العمال والاقتصاد، في حين يعمل أيضا على منع الارتفاع المقلق في مستويات الديون الفيدرالية.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021.