Author

لقاح كورونا والتعافي الاقتصادي

|

أستاذ الطاقة الكهربائية ـ جامعة الملك سعود

[email protected]

يعد سباق لقاح كورونا مع الزمن من أجل تطعيم أكبر نسبة من سكان المملكة شيئا لافتا للنظر، ومن المشاهد مراقبة منحنى الإصابات والحالات الحرجة والتذكير بالإجراءات الاحترازية من جهة، ومن جهة أخرى الدفع نحو التطعيم وفتح مراكز جديدة لها من أجل محاصرة الفيروس والقضاء عليه في أسرع وقت ممكن. وبلا شك فإن الاقتصاد المحلي قد تأثر سلبا بجائحة كورونا تبعا لتقديرات الهيئة العامة للإحصاء، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بالأسعار الثابتة هبوطا من 2,640 مليار ريال عام 2019 إلى 2,531 مليار ريال عام 2020.

وكذلك النمو الاقتصادي الذي هبط سلبيا وبلغ انكماشا قدره 4.1 في المائة في وقت واجهت المملكة فيه تحديات غير مسبوقة بسبب فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط. وهذا ليس حالة خاصة بالمملكة فكثير من الدول عانت جائحة كورونا وقادتها إلى انحدار في الاقتصاد وإجمالي الناتج وانكماش حقيقي. يقدر صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد العالمي انكمش بنسبة 4.4 في المائة عام 2020، ولم تكن دول الشرق الأوسط ومنها المملكة في منأى من توقعات صندوق النقد الدولي عندما أشار إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة أجمع سينكمش بنسب معينة.

اللافت للنظر هو توقع صندوق النقد الدولي أخيرا في تسارع التعافي الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 2021، لكن بشكل غير متكافئ، ويرجع السبب إلى الاختلال في إمكانات دول المنطقة بالحصول على لقاح فيروس كورونا. فقد عدل صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في المنطقة بالزيادة بعد أن كانت انكماشا، حيث تتعافى الدول من أزمة فيروس كورونا وستتسابق دول المنطقة في التعافي الاقتصادي وكلمة السر هي اللقاح، وعليه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في المنطقة بنسبة 4 في المائة عام 2021.

ثم ذكر الصندوق في تقريره الاقتصادي الأخير أن التوقعات ستختلف بشكل كبير عبر الدول اعتمادا على عوامل عديدة منها تقديم اللقاح. إذن اللقاح يعد متغيرا مهما في المعادلة الاقتصادية ويمكن أن يسهم تسريع عمليات التطعيم في رفع الناتج المحلي الإجمالي عام 2022. يقول جهاد أزعور مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط ووسط آسيا: "إن التعافي سيكون متباينا بين الدول وغير متساو بين أجزاء مختلفة من السكان".

إن المملكة من ضمن الدول الأوائل بالعالم التي بدأت في التطعيم المبكر وستكون قادرة على تطعيم نسبة كبيرة من سكانها خلال عام 2021 وعليه سيكون تعافي الاقتصاد السعودي سريعا مع رفع نسب التطعيم، إضافة إلى الإصلاح الاقتصادي الذي يشهده البلد لمواجهة التحديات التي تفرضها تطورات السوق العالمية.

والنتيجة تعاظم الفرص والفوائد وتحفيز التحول الاقتصادي وإيجاد مزيد من الفرص الوظيفية مع أهمية رسم تدابير لتحسين الاقتصاد وزيادة التعاون الدولي وجذب الاستثمار المباشر. ختاما، نحن أمام واجب وطني يحتم على الجميع التطعيم وأخذ اللقاح وتشجيع كل من حولنا في المضي قدما نحو أخذه إذ يعد اللقاح أكثر أمانا للمساعدة على بناء المناعة والحماية ضد فيروس كورونا وهو الأمل في إنهاء الجائحة. ورغم أن كل ما ذكر يعد جانبا صحيا ونحو مجتمع خال من الفيروس، فإن اللقاح يعد عاملا ضروريا في التعافي الاقتصادي وتحسين إجمالي الناتج المحلي. ومن هنا تبدأ مسؤولية كل فرد في بناء مجتمع صحي والمشاركة الفعالة في النمو الاقتصادي للبلد.

إنشرها