منصات الأعمال الخيرية وتأثيرها في الاقتصاد المحلي
المؤسسات الخيرية أو مجال التبرعات المتنوعة، تعد جزءا من القطاع الثالث الذي يكمل القطاعين العام والخاص في الاقتصاد، ويعتمد عليه بعض القطاعات المهمة في مجتمعات حول العالم، مثل القطاع الصحي وقطاع التعليم الذي يعد مصدر التمويل جزءا منه في بعض دول العالم من القطاع الثالث الذي يشمل المؤسسات غير الربحية، وهو يمثل حصة لا بأس بها من حجم النشاط الاقتصادي من الناتج المحلي. ومن هنا، فإن الاهتمام بهذا القطاع له أثر كبير في الاقتصاد والمجتمع.
غياب التنظيم عن القطاع الخيري كان له أثر سلبي في الاقتصاد المحلي والمجتمع، إذ إن التبرعات لجهات مجهولة من خلال متسولين لا يعلم مدى حاجتهم أو استحقاقهم للصدقة من خلال بعض المؤسسات التي ليست لديها الكفاءة في إدارة هذه التبرعات، يمثل شكلا من أشكال الهدر، ويؤدي إلى ضعف فاعلية وأثر الصدقة والأعمال الخيرية والاجتماعية في المجتمع وانعكاسها على الاقتصاد الوطني ضعيف فيما يتعلق بمعالجة مشكلة الفقر أو الحاجة المالية في المجتمع. ومن هنا، فإن وجود منصات موثوقة يحقق نتائج مهمة تدعم المجال الخيري والقطاع غير الربحي بصورة عامة وتعزز من أثره في المجتمع، فمساهمة القطاع غير الربحي عند إعلان رؤية المملكة 2030 كانت أقل من 1 في المائة، وقد تكون حاليا في وضع أفضل بعد الإصلاح الذي يتم بشكل مستمر على هذا القطاع والعمل على تحويل بعض المؤسسات إلى قطاع غير ربحي، حيث زاد عدد المؤسسات غير الربحية بين عامي 2017 و2019 166 في المائة لتصل إلى 6902 مؤسسة بحسب تقرير مؤسسة الملك خالد الخيرية، وبلغت ونمت مساهمة القطاع غير الربحي بحسب التقرير إلى ثمانية مليارات ريال، وهي ما زالت متدنية نسبيا. وكما هو معلوم، فإن المملكة تستهدف في 2030، 5 في المائة من الناتج المحلي، وهذا وإن كان تطورا كبيرا إلا أن المتوسط العالمي - بحسب ما ورد في موقع الهيئة العامة للأوقاف - يصل إلى 6 في المائة، وكما نعلم أن المجتمع في المملكة ينفق كثيرا على الأعمال الخيرية والاجتماعية، إلا أن ضعف تنظيم القطاع في السابق كان له أثر سلبي فيما تعلق بنسبة مساهمته في الناتج المحلي. ولعل من النتائج الإيجابية التي يعد لها أثر وإسهام في الاقتصاد المحلي هو حجم القوى العاملة في هذا القطاع من المواطنين، الذي بلغ أكثر من 70 ألف موظف متجاوزا المستهدف في 2020 الذي تم تحديده بـ50 ألفا فقط، إضافة إلى أن هذا القطاع له دور في فتح المجال للمتطوعين الذين يتمكنون من خلال التطوع في بعض البرامج من بناء مهارات مهنية واجتماعية متميزة.
وجود منصات مختصة للتبرع والشفافية العالية في تلك المنصات والبرامج النوعية لها، سيكون له أثر كبير في مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي، إضافة الى استدامة هذه المشاريع دون أن تتأثر بشكل كبير بالمتغيرات، بل إن الاهتمام بهذا القطاع وفق رؤية المملكة 2030 سيكون له أثر في أن يستمر النمو في مساهمة هذا القطاع في الاقتصاد الوطني ويكون له دور في تحسين الظروف العامة للمجتمع والمحتاجين خصوصا، كما أن التنوع في البرامج سيكون له تأثير في تغطية الاحتياج عموما.
أهمية التزام المجتمع بالتبرع من خلال المنصات الموثوقة أمر مهم جدا، وهو يدعم أمورا متعددة، منها تجنب تقديم هذه الأموال إلى جهات يمكن أن تكون إجرامية من خلال استخدامها في أعمال غير مشروعة، وتزيد من فرص جرائم مثل الاستغلال غير المشروع للأطفال والأشخاص من ذوي الاحتياج، إضافة إلى أنه يمكن أن يشكل نشاطا يجعل من التسول مهنة وليس احتياجا محدودا ومؤقتا، وهذا له أثر سلبي في هذه الفئة التي ستتجنب بناء مهاراتها في مجال العمل لتتحول إلى التسول، وتفقد فرص البحث عن الكسب بالوسائل المشروعة، ويبقى أن عددا محدودا منهم عنده احتياج بصورة أو أخرى، وهذا بلا شك وصول المال إليه من خلال المنصات الموثوقة سيكون أحفظ لكرامته.
الخلاصة: إن منصات التبرعات الموثوقة، مثل فرجت وجود الإسكان وإحسان، سيكون لها دور في تنظيم العمل الخيري وتحسين الظروف للمحتاجين، الذين يواجهون فجوة في التواصل بينهم وبين المجتمع، كما أن لها دورا في الحد من الممارسات السلبية التي تنأى بسبب التسول، إضافة إلى نمو حجم مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي باعتبارها جزءا منه.