Author

المملكة تشق عباب الفضاء

|
قبل أيام أعلنت المملكة، ممثلة في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، إطلاق القمر الاصطناعي "شاهين سات" المتخصص في تصوير الأرض وتتبع السفن من المدارات المنخفضة من قاعدة بايكونور في جمهورية كازاخستان على متن الصاروخ الروسي "سيوز 2"، ويتضمن القمر "شاهين سات" حمولة تلسكوب بدقة فائقة للتصوير، وحمولة تتبع السفن البحرية، ويتميز هذا القمر بدقة تصوير تصل إلى 0.9 متر، ووزن لا يتجاوز 75 كيلو جراما، وأبعاد تصل إلى 56×56×97 سم.
ولا شك أن هذا الإنجاز الذي أثلج صدور السعوديين خصوصا، والعرب عموما، هو إحدى ثمار البحث والتطوير الذي يشهد حراكا كبيرا في مجالات متعددة، يأتي في مقدمتها الذكاء الاصطناعي وتقنية المعلومات، إلى جانب بحوث الهندسة والصحة وعلوم الحياة، وذلك تحقيقا لأهداف رؤية المملكة 2030. يذكر أن هذا القمر نتيجة خبرة علمية تراكمية، وشراكات بحثية سعودية ودولية، تقودها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ويستند إلى تجارب متعددة وتراكمية على مدى 20 عاما شهدت إطلاق 17 قمرا.
وبالنظر إلى التقدم الكبير في مجال البحث والتطوير الذي يشهد قفزات كبيرة ورائعة في مختلف الجامعات السعودية والمراكز البحثية، فإن هذا القمر الصناعي هو نتيجة مستحقة للمملكة العربية السعودية، ويليق بمكانتها الدولية على المستويات العلمية والاقتصادية، بل نتطلع إلى المزيد قياسا بما توليه الدولة من اهتمام خاص بالبحث والتطوير، فالمملكة العربية السعودية هي الأولى عربيا من حيث النشر العلمي في الدوريات العالمية، وهي الأولى عربيا من حيث حجم الإنفاق على البحث والابتكار، وهي الأولى من حيث تسجيل براءات الاختراع، وقد حظي هذا المجال باهتمام كبير من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي انعكس في الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030، ومستهدفاتها، وكذلك في إنشاء الهيئة السعودية للملكية الفكرية، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، وفوق هذا وذاك، تشكيل اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار لتنمية هذا القطاع، برئاسة قائد استراتيجية التغيير والتطوير الأمير محمد بن سلمان.
ولا شك أن هذا القمر وغيره من الإنجازات العلمية الكبيرة يمنح المملكة استقلالية أكبر في إدارة شؤونها العلمية والاقتصادية والأمنية، ويسهم في الحد من التبعية التقنية للآخرين، وهذا الإنجاز وغيره يؤهل المملكة لتحقيق إنجازات علمية أكبر وحلول نوعية أكثر للتحديات التي تواجه التنمية المستدامة في بلادنا، فهناك تطبيقات متعددة ومتنوعة تتمخض من هذه الإنجازات وتخدم قطاعات اقتصادية واجتماعية أخرى.
وأخيرا، أدعو مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، إلى التوسع في إشراك الجهات العلمية بالمملكة، من خلال دخول الجامعات وإنشاء مختبرات نوعية في الجامعات السعودية ذات البنية التحتية المناسبة والإمكانات العلمية العالية، وكذلك إشراك الجامعات لتكون طرفا في الشراكات الدولية التي تتمتع بها المدينة، لأن الجامعات السعودية هي الأذرع العلمية للمدينة، وهي الموطن الحقيقي للبحث والابتكار، وليس أبلغ دلالة من جهود جامعة الملك سعود في مجال الفضاء من خلال البرنامج التعليمي الفضائي بإطلاق القمر الاصطناعي CubSate الذي قام بتصميمه وتصنيعه طلاب كلية الهندسة بالجامعة لتحتل المركز الأول بين الجامعات العربية في مجال الفضاء. كما أتمنى أن نسمع عن إطلاق أقمار اصطناعية متخصصة في البيئة والتصحر، للمساعدة على مكافحة التصحر في بلادنا.
إنشرها