ضيقة الصدر
من الطبيعي أن يمر الإنسان في مرحلة من مراحل عمره بمعاناة سواء كانت نفسية أو جسدية فهي حقيقة مقدرة "خلق الإنسان في كبد"، وأيا كان السبب فهذا هو حال الدنيا، وصدق أبو الحسن التهامي حين قال:
طبعت على كدر وأنت تريدها
صفوا من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها
متطلب في الماء جذوة نار
أسباب ضيقة الصدر كثيرة ومتنوعة ويأتي على رأسها عدم فهم حقيقة الدنيا وعدم تشرب التوحيد في القلب، ومن ثم الإعراض عن ذكر الله "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا..." الآية، لأن الروح هي المحرك الرئيس لسعادة الإنسان أو شقائه فقد تجد فقيرا معدما بل ربما مريضا، ولكن السعادة تغمر جوانحه وتكسو محياه، على حين قد تجد آخر ممن توافرت له كل مقومات الحياة ولكن الكآبة وضيقة الصدر تكتنفه من كل اتجاه، ومن الأسباب إهمال التراكمات النفسية المزعجة وعدم التخلص منها أولا بأول، ومن ذلك كثرة الضغوط الحياتية اليومية. كما قد تكون الأسباب أحيانا جسدية مثل اختلال بعض الهرمونات، ما يؤدي إلى تراكم الطاقة السلبية في الجسم، وأيا كانت مسببات ضيقة الصدر، فإنه من المهم أن يفكر الإنسان مليا في كيفية التخلص منها، وأن يسعى لمعرفة الأسباب التي تعينه على الصمود، وبالتالي تخطي هذه المرحلة الصعبة. "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين"، ثم ليحرص الإنسان على أن تكون نظرته للكون وللآخرين نظرة إيجابية، محبا للناس حريصا على ما يسعدهم ويشرح صدورهم، لأن هذا الأمر سينعكس عليه مباشرة. وتشير الدراسات إلى أن مرافقة أصحاب النظرة الإيجابية والبعد عن أصحاب النظرة السلبية، لها دور مهم في انشراح الصدر، كما أنه من المهم البوح بالمعاناة لمن يوثق به وبحكمته.
ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة
يواسيك أو يسليك أو يتوجع
وكذلك عدم الاستسلام للفراغ وممارسة النشاط الفكري والبدني واستغلال الوقت بما يفيد، وقد أبدع الشاعر الأمير خالد الفيصل حين قال:
ياضايق الصدر بالله وسع الخاطر
دنياك يا زين ما تستاهل الضيقة
الله على ما يفرج كربتك قادر
والله له الحكم في دبرة مخاليقه