توزيعات أرامكو تفوق أرباحها البالغة 183.8 مليار ريال في 2020 .. مرونة مالية وتشغيلية
بفضل مرونتها في الأزمات، تخطت شركة أرامكو السعودية، أكبر شركة نفط في العالم، الصعوبات في السوق، المتمثلة في تراجع أسعار النفط بسبب تفشي جائحة كورونا، حيث حققت أرباحا قدرها 183.8 مليار ريال "49 مليار دولار" خلال عام 2020، مقابل 330.7 مليار ريال في عام 2019، متراجعة 44.4 في المائة، إلا أنها أحد أعلى الأرباح لأي شركة مدرجة في العالم.
ووفقا لرصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، استند إلى بيانات الشركة، بلغت التوزيعات النقدية لأرامكو عن عام 2020 نحو 281 مليار ريال، بواقع 70.3 مليار ريال عن كل ربع، وهي أضخم توزيعات نقدية لأي شركة في العالم، كما أنها تفوق الأرباح الصافية المحققة خلال العام نفسه.
وبذلك تفي الشركة بالتزامها الذي قطعته على نفسها قبل طرحها للاكتتاب بتوزيع 281 مليار ريال "75 مليار دولار" سنويا على مساهميها حتى 2024.
وكانت الشركة قد ذكرت أنه في حال تم إقرار توزيعات تقل عن 75 مليار دولار خلال الأعوام 2020 - 2024، فإن الانخفاض في التوزيعات لن يشمل الملاك من غير الحكومة، حيث سيحصلون بالكامل على حصتهم من الـ75 مليار دولار، التي تعادل حصتهم من أسهم الشركة.
يعني ذلك أن ملاك أسهم الشركة من غير الحكومة سيضمنون توزيعاتهم، في حين ستقل التوزيعات المخصصة للحكومة إذا تم إقرار توزيعات تقل عن 75 مليار دولار.
وبلغت إيرادات الشركة خلال العام الماضي 768.1 مليار ريال، مقابل 1106 مليار ريال في عام 2019، متراجعة 30.5 في المائة.
وجاء التراجع في الأرباح متأثرا بشكل أساس بانخفاض أسعار النفط الخام وتقلص حجم مبيعاته، وأيضا تدني هوامش الأرباح في أعمال التكرير والكيماويات.
وعلى الرغم من ظروف السوق الصعبة، حافظت الشركة على سجلها القوي بموثوقية الإمدادات، محققة نسبة موثوقية بلغت 99.9 في المائة في إمدادات النفط الخام والمنتجات الأخرى خلال عام 2020.
ومن خلال برنامج رأس المال المرن والإدارة المالية الحكيمة، تمكنت الشركة من ضبط الإنفاق والتركيز على الفرص ذات العائد المرتفع.
وبلغت النفقات الرأسمالية في العام الماضي، 101 مليار ريال "27 مليار دولار"، مقارنة بـ123 مليار ريال "33 مليار دولار"، نتيجة تطبيق برامج تحسين الإنفاق وتعزيز كفاءته، ما أسهم في التوفير بشكل كبير مقارنة بسياسات الإنفاق السابقة، وأدى إلى انخفاض الإنفاق بنحو 18 في المائة.
كما تواصل الشركة تقييم نفقاتها الرأسمالية وبرامج تحسين الإنفاق وتعزيز كفاءته، وتتوقع أن تبلغ النفقات الرأسمالية لعام 2021 نحو 131 مليار ريال "35 مليار دولار"، وهو أقل من برنامج الإنفاق الرأسمالي الاسترشادي السابق البالغ 150 - 169 مليار ريال "40 - 45 مليار دولار".
10 أضعاف
من أبرز ما شهده عام 2020، إصدار أرامكو السعودية سندات ممتازة غير مضمونة في الربع الأخير من عام 2020، بما في ذلك حصول الشركة على أعلى طلب في التاريخ لسندات جديدة أُصدرت لأجل مستقبلي مدته 50 عاما.
ورغم ظروف الجائحة وتأثيرها في الأسواق المالية، حظي هذا البرنامج بإقبال استثنائي من المستثمرين العالميين، بلغ عشرة أضعاف حجم الإصدار الأساسي، أو 187.5 مليار ريال "50 مليار دولار"، ما يدل على ثقة السوق باستراتيجية أرامكو السعودية طويلة الأجل وأدائها في المستقبل.
إنتاج تاريخي
في عام 2020، حافظت أرامكو السعودية على متوسط إنتاجها من المواد الهيدروكربونية عند مستوى 12.4 مليون برميل مكافئ نفطي في اليوم، منها 9.2 مليون برميل في اليوم من النفط الخام.
وفي نيسان (أبريل)، حققت الشركة إنجازا تاريخيا ورقما قياسيا جديدا بالوصول إلى أعلى معدل إنتاج من النفط الخام في يوم واحد، بلغ 12.1 مليون برميل.
وحققت الشركة إنجازا آخر في آب (أغسطس) تمثل في تسجيل رقم قياسي في إنتاج الغاز الطبيعي في يوم واحد، بإنتاج 10.7 مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي من الحقول التقليدية وغير التقليدية.
الجدير بالذكر أن الشركة حققت هذين الإنجازين رغم انخفاض النفقات الرأسمالية في عام 2020.
وحافظت الشركة أيضا على سجلها الحافل بموثوقية الإمداد، على الرغم من التحديات الناجمة عن جائحة كوفيد - 19، ويعزى ذلك إلى الوفاء بالتزاماتها بتسليم شحنات النفط الخام والمنتجات الأخرى بنسبة موثوقية بلغت 99.9 في المائة خلال عام 2020.
ولم تتوقف إنجازات أرامكو السعودية التشغيلية عند ذلك، بل تمكنت من خلال طموحاتها في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق من تحقيق خطوة رائدة وكبيرة في أعقاب استحواذها في يونيو على حصة أغلبية في عملاق البتروكيماويات السعودي "الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)"، حيث أسهم ذلك في تحويل أرامكو السعودية إلى شركة عالمية رائدة في قطاع البتروكيماويات تزاول أعمالها في أكثر من 50 دولة حول العالم.
وأعلنت أرامكو السعودية في عام 2020 إعادة تنظيم قطاع التكرير والمعالجة والتسويق وفق نموذج عمل جديد في سبيل زيادة القيمة في موجوداتها المنتشرة في مختلف أنحاء العالم.
أعلى براءات اختراع
بما أن التقنية والابتكار مقومان أساسيان لتوفير مزيد من الطاقة بانبعاثات أقل، واصلت الشركة تقدمها في أحدث التقنيات، وحققت رقما قياسيا هو الأعلى في تاريخها بالحصول على 683 براءة اختراع من مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية في الولايات المتحدة خلال عام 2020، وهذا الرقم يعد الأعلى بين كبريات شركات الطاقة العالمية.
أقل انبعاثات كربونية
حافظت الشركة على مستوى الانبعاثات الكربونية الصادرة عنها في قطاع التنقيب والإنتاج ضمن الأقل في قطاع الطاقة، حيث قدرت الكثافة الكربونية 10.5 كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون لكل برميل مكافئ نفطي أنتجته الشركة في عام 2020.
فيما قدرت كثافة انبعاثات غاز الميثان في أعمال التنقيب والإنتاج 0.06 في المائة.
وجدير بالذكر أن هذه الإنجازات جاءت ثمرة مباشرة لمنهجية الإدارة والإنتاج من المكامن التي تتبعها الشركة على مدار عقود طويلة من الزمن، وهي منهجية تنطوي على الاستفادة من أكثر التقنيات تطورا وخفض الانبعاثات الكربونية وأعمال الحرق في الشعلات إلى أقل مستوى ممكن.
وبمناسبة إعلان النتائج المالية لعام 2020، قال المهندس أمين الناصر رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، "خضنا واحدة هي أشد الأعوام صعوبة وتحديا في هذا العصر، غير أن أرامكو السعودية أثبتت قيمتها الفريدة وقدرتها الاستثنائية، من خلال ما تتمتع به من مرونة مالية وتشغيلية".
وأضاف، "تعزز ذلك الأداء الإيجابي بروح بطولية جسدها موظفو وموظفات الشركة، الذين حققوا نتائج تشغيلية قياسية، وواصلوا تلبية الاحتياجات العالمية من الطاقة بأمان وموثوقية".
وتابع، "نظرا إلى تأثير جائحة كوفيد - 19 في الأسواق العالمية، سخرنا تركيزنا القوي على تحسين كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، وكانت النتيجة أن حافظنا على قوة مركزنا المالي وأعلنا توزيعات أرباح بقيمة 281 مليار ريال "75 مليار دولار" عن عام 2020. وخلال الجائحة، أدى التقدم السريع في الشركة لاستخدام التقنيات الرقمية إلى تحسين أدائنا بشكل كبير، وواصلنا جهودنا لإحراز تقدم فيما يتعلق بحلول خفض الكربون".
وقال الناصر، "بنظرة مستقبلية، تسير استراتيجيتنا طويلة الأجل على المسار الصحيح نحو تحسين محفظتنا في أعمال النفط والغاز. وفي ظل التحسن الذي تشهده بيئة السوق، هناك زيادة في الطلب في آسيا مع وجود مؤشرات تحسن في أماكن أخرى. ونحن على ثقة تامة بأننا سنتجاوز هذه الجائحة ونحن في موقع قوي جدا وجاهزية عالية".
وأوضح أن أرامكو السعودية حققت صافي دخل بلغ 184 مليار ريال "49 مليار دولار" في عام 2020، حيث برهنت الشركة على مرونتها المالية القوية في أصعب فترة شهدها قطاع الطاقة، حيث تأثرت خلالها إيرادات القطاع بانخفاض شديد في أسعار النفط الخام وتراجع مبيعاته، وتدني هوامش الربح في أعمال التكرير والكيماويات.
وأشارت الشركة، في بيان، إلى أن نسبة المديونية، كانت في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2020، من بين أدنى المعدلات في قطاع الطاقة، وفي الوقت الراهن بلغ العائد على متوسط رأس المال المستخدم 13.2 في المائة، وهو الأعلى على مستوى قطاع الطاقة.
وبلغ صافي النقد الناتج من الأنشطة التشغيلية في العام الماضي 285 مليار ريال، بينما التدفقات النقدية الحرة 184 مليار ريال.
وأكدت الشركة مضيها قدما في تنفيذ استراتيجيتها في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق، بتعزيز التكامل المستمر مع أعمال "سابك".
وتتمتع أرامكو السعودية بوضع متميز من حيث الاستفادة من فرص التطورات في إنتاج الهيدروجين، بالنظر إلى حجم الشركة، والبنية التحتية، والتكاليف المنخفضة، وانخفاض كثافة الكربون. ومن المجالات الواعدة في هذا الخصوص، إنتاج الهيدروجين من المواد الهيدروكربونية ثم تحويله إلى أمونيا، مع الاستخلاص الكامل لثاني أكسيد الكربون الصادر عن هذه العملية.
وفي آب (أغسطس)، نجحت أرامكو السعودية في تصدير باكورة شحنات الأمونيا الزرقاء عالية الجودة على مستوى العالم إلى اليابان لاستخدامها في توليد الطاقة الخالية من الكربون، وذلك في خطوة مهمة نحو الاستخدام المستدام للهيدروجين.
وفي كانون الثاني (يناير) 2020، انضمت أرامكو السعودية لمجلس الهيدروجين كعضو توجيهي. إذ يلعب المجلس دورا في تشجيع التعاون بين الحكومات والصناعة والمستثمرين لتقديم التوجيه الذي من شأنه تسريع نشر حلول الهيدروجين على مستوى العالم.
كما ظلت الشركة ملتزمة خلال جائحة كوفيد - 19 بالمحافظة على سلامة موظفيها وتطبيق بروتوكولات لمتابعة تفشي الفيروس والحد منه، وقدمت الشركة مساعداتها لموظفيها والمجتمعات التي تزاول فيها أعمالها في مختلف أرجاء العالم، من خلال بعض التدابير، مثل برامج مساندة الموظفين، وخدمات الدعم الطبي، والتبرعات النقدية.
وإلى جانب دعمها المقدم لموظفيها وأعمالها، سارعت الشركة إلى مساندة قطاع الموردين والمقاولين المرتبط بأعمالها، ودعم قطاع الرعاية الصحية في السعودية، بتوفير أجهزة التنفس الصناعي، ومعدات تنقية الهواء، وأدوات الوقاية الشخصية للعاملين والمرضى.
ونظمت الشركة حملة تبرعات مع الموظفين بعنوان "بقاؤك في المنزل ضمان لسلامتك"، لمساعدة أفراد المجتمع الأكثر عرضة للإصابة بالعدوى خلال تفشي الجائحة. وقامت الشركة بعد ذلك بدفع مبلغ مماثل لتبرعات الموظفين. وتبرعت الشركات التابعة لأرامكو السعودية في العالم بمبالغ نقدية ومستلزمات طبية لجمعيات خيرية في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة .
وحدة التقارير الاقتصادية