7 مليارات ريال تداولات أدوات الدين السعودية في 6 أيام .. سيولة ذكية تقتنص الصفقات
أظهر رصد لـ"الاقتصادية"، أن السوق المحلية المخصصة لتداول أدوات الدين، من السندات والصكوك، سجلت صفقات مليارية كبرى لافتة بين مستثمرين مؤسسيين خلال آذار (مارس) الجاري، وذلك بدعم من السيولة الذكية التي اقتنصت الإصدارات القديمة ذات العوائد المرتفعة، حيث تم تداول أكثر من سبعة مليارات ريال خلال ستة أيام.
وبحسب رصد وحدة التقارير الاقتصادية، جاءت هذه التداولات الضخمة بعد ظهور فرص استثمارية على بعض الصكوك التي تمنح عائدا مرتفعا وسبق أن تم إصدارها في 2019 و2018.
وبلغ إجمالي التداولات، في أكبر بورصات الشرق الأوسط الحاضنة لإدراجات السندات الإسلامية، الخاصة بشباط (فبراير) 6.7 مليار ريال.
وبذلك ترتفع وتيرة أحجام التداولات الثانوية لأسواق الدين إلى أعلى مستوى لها منذ أربعة أشهر.
وأسهم عودة النشاط التدريجي في البورصة بدفع إجمالي التداولات إلى 9.8 مليار ريال خلال أول شهرين من 2021 وبذلك تقترب من تجاوز جميع تداولات عام 2019 البالغة 10.1 مليار ريال.
الصفقات الخاصة
أظهر الرصد، أن المستثمرين المؤسسين باتوا يفضلون تنفيذ صفقاتهم الكبرى في سوق الصكوك والسندات السعودية عبر الصفقات الخاصة، وذلك بعد ما بلغ إجمالي الصفقات المتفاوض عليها أكثر من 7 مليارات ريال خلال ستة أيام من الشهر الجاري.
واستند رصد "الاقتصادية"، إلى بيانات شركة تداول خلال الفترة من 4 إلى 10 آذار (مارس).
وبحسب "تداول"، فإن الصفقات الخاصة هي الأوامر التي يتم تنفيذها عندما يتفق مستثمر بائع ومستثمر مشتر على تداول أوراق مالية محددة وبسعر محدد، بحيث تتوافق مع ضوابط السوق المالية السعودية (تداول) والقواعد واللوائح الصادرة عن هيئة السوق المالية ذات العلاقة.
ولا تؤثر الصفقات الخاصة في سعر آخر صفقة أو أعلى أو أدنى سعر للصك، أو سعر الافتتاح أو سعر الإغلاق، أو مؤشر السوق أو مؤشرات القطاعات.
القادمون الجدد
بلغ إجمالي تداولات سوق الدين السعودية خلال الشهر الماضي 6.7 مليار ريال، محققة بذلك نسبة انخفاض بمقدار 11.8 في المائة على أساس سنوي إلا أنها سجلت نسبة نمو من ثلاث خانات على أساس شهري، حيث وصلت إلى 116 في المائة، وفقا لحسابات وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة.
واستمر النشاط الملحوظ من شركات الوساطة، غير المعينين بصفة رسمية للعب دور صناع السوق، وذلك عندما استحوذوا مجتمعين على 75.74 في المائة من أحجام التداولات التي مرت من خلالهم في 2021، مقارنة بـصناع السوق الخمسة المعينين الذين وصلت حصتهم إلى 24.26 في المائة من إجمالي التداولات.
مع العلم أن صناع السوق الخمسة بدأوا العام الجاري باستحواذهم على 22.7 في المائة من إجمالي تداولات كانون الثاني (يناير).
وتظهر هذه الأرقام استمرارية فقدان صناع السوق الخمسة المعينين هيمنتهم على تداولات الدين الثانوية وذلك بعد أن فقدوها للمرة الأولى خلال العام الماضي، علما بأنه في عام 2019 وصل إجمالي التداولات التي مرت عبرهم إلى 80.85 في المائة.
ومع دخول شركات وساطة قوية فإن المراقبين لا يستبعدون أن تواصل تلك الشركات السيطرة على إجمالي التداولات، خصوصا أن ثلاثا من تلك الشركات ضمن قائمة أعلى خمس شركات وساطة من حيث إجمالي أحجام التداول على أدوات الدخل الثابت المدرجة، وفقا لرصد وحدة التقارير الاقتصادية.
يذكر أن رصد الصحيفة أظهر أن بعض صناع السوق بشكل عام قد غلب على بعضهم تنفيذهم العدد الأكبر من الصفقات مقارنة بـغيرهم، في إشارة واضحة إلى جهدهم المبذول في تنشيط التداولات.
إلى ذلك، يعود أحد أسباب تفوق شركات الوساطة، على صناع السوق المعينين، لكون بعض العملاء المؤسسيين يتعاملون مع شركة وساطة معينة وعليه يتم تنفيذ الصفقات عبرها فقط، ما يمنحهم الأفضلية من حيث ضخامة أحجام الصفقات التي أنجزوها خلال التداولات الثانوية في الأشهر الماضية.
تجدر الإشارة إلى أن مجلس هيئة السوق المالية قد سمح، في أوائل أيلول (سبتمبر) 2020، للأجانب المقيمين وغير المقيمين بالاستثمار المباشر في أدوات الدين المدرجة وغير المدرجة.
وتمنح الأوراق المالية الحكومية توزيعات سنوية (أقرب للمضمونة) للمستثمرين، الذين يحتفظون بهذه الأوراق المالية. ويعود سبب إقبال المستثمرين على البورصة المتخصصة لتداولات السندات والصكوك إلى عوامل عدة أهمها البحث عن العائد الأعلى في زمن الفائدة المتدنية.
التداولات اليومية
وبلغ المعدل المتوسط لإجمالي التداولات اليومية 241 مليون ريال خلال الفترة المنقضية من العام الجاري 2021، مسجلا انخفاضا 19.6 في المائة، مقارنة بإجمالي متوسط التداولات عن كامل عام 2020، الذي بلغ 300 مليون ريال، وذلك بعد استثناء الإجازات الأسبوعية والعطل الرسمية. واستند الرصد إلى أحدث البيانات الرسمية الصادرة عن "تداول"، التي أفصحت عن إجمالي التداولات الخاصة بأدوات الدين السيادية وكذلك الخاصة بالشركات.
ويتضح نشاط التداولات على أدوات الدين المحلية من بيانات "بوند إي فاليو" المالية الخاصة بتتبع أسعار أدوات الدخل الثابت، التي تظهر أن أغلبية الصكوك الحكومية تحركت خلال شباط (فبراير)، وفق نطاقات سعرية متوسطة، في مؤشر على عودة نشاط الصفقات في السوق.
يذكر أن بيانات "بوند إي فاليو" تقدم للمستثمرين ميزة الكشف عن عروض البيع والشراء للسندات التي في محافظهم من أجل التحكم بالقرار الاستثماري الخاص بالورقة المالية.
وفي الإطار ذاته أظهرت مؤشرات ايبوكس تداول للصكوك الحكومية الرئيسة منها والفرعية تحسن في أدائها وأنهت الشهر الماضي على ارتفاع في مؤشراتها، وذلك وفقا لمنصة "آي إتش إس ماركيت" للتحليلات والبيانات المالية.
البنية التحتية للتداول
علمت "الاقتصادية" من مصادر حكومية مطلعة، أن السعودية قد تمكنت بنجاح من تطوير البنية التحتية للتداول الإلكتروني "الخاصة في أسواق الدين"، الأمر الذي يتيح أتمتة الأسعار المدرجة على منصة "تداول" للمتعاملين الأوليين.
وأبرزت وثيقة الملامح العامة لخطة الاقتراض السنوية الصادرة من المركز الوطني لإدارة الدين، تلك الخطوة كإحدى مبادرات تطوير أسواق الدين المحلية. وتطرقت الوثيقة الرسمية كذلك إلى مبادرة تعزيز تسوية السوق الأولية المحلية من خلال السماح بتسويات التسليم مقابل الدفع للمتعاملين الأوليين، التي من شأنها أن تحد من مخاطر التسوية على المتعاملين الأوليين.
ونجحت السعودية في تعميق السوق الثانوية لأدوات الدين بحيث يكون مماثلا لسوق الأسهم في سهوله التداول. وعن التفاصيل الفنية لهذه المبادرة، فإن نظام التداول يعمل على تمكين أتمتة تسعير صانع السوق لأدوات الدين المدرجة من خلال السماح بإرسال زوج من الأوامر (شراء وبيع) بشكل مستمر ومؤتمت وذلك للحفاظ على التزامات الفارق السعري للورقة المالية، حيث تم تطوير هذه الخدمة، والحديث لتلك المصادر، لحماية صناع السوق من الأخطاء البشرية ولتفعيل محركات التسعير المسؤولة عن مراقبة سعر الورقة المالية.
علاقة الفائدة مع أدوات الدين
معلوم أن القيمة السوقية للصكوك وغيرها من الأوراق المالية ذات العائد الثابت تتغير تبعا للتغيرات التي تطرأ على أسعار الفائدة وغيرها من العوامل الأخرى، حيث ترتفع أسعار أدوات الدين ذات العائد الثابت كلما هبطت أسعار الفائدة، وتنخفض أسعار تلك الأوراق المالية كلما ارتفعت الفائدة.
والورقة المالية الصادرة عن الحكومة السعودية مضمون فقط سداد الفائدة المعلن لها والقيمة الاسمية لها عند الاستحقاق، وكما هو الحال تماما بالنسبة إلى الأوراق المالية الأخرى ذات العائد الثابت، فإن الأوراق المالية المضمونة من الحكومة ستتعرض قيمتها للتقلب عندما تتغير أسعار الفائدة.
السيولة الثانوية
بعض الصكوك المدرجة في السوق السعودية، قد تصبح أقل سيولة من غيرها، ما يعني أنه لا يمكن بيعها بسرعة وسهولة، كما أن بعض الصكوك قد يصعب تسييلها إلى نقد لعدم وجود سوق ثانوية بسبب قيود نظامية أو قيود مترتبة على طبيعة الاستثمار أو عدم وجود مشترين مهتمين بهذا النوع من الأصول، وقد يؤثر ذلك سلبا في أداء صناديق شركات الأصول وسعر الوحدة.
فمثلا قد تمر سوق الصكوك بفترات سيولة منخفضة بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى صعوبة في الحفاظ على أسعار مستقرة و/أو عادلة في معاملات الشراء (والعكس في حالة ارتفاع السيولة في حالة الحاجة للبيع)، وقد يؤدي ذلك إلى تسجيل خسائر معينة لصناديق شركات الأصول.
صناع السوق
أجرت السعودية عدة مبادرات إصلاحية للنهوض بالتداولات الثانوية الخاصة بأدوات الدخل الثابت من سندات وصكوك. وقبل قرار إعادة هيكلة المقابل المادي لجهات الإصدار والمتداولين، وما رافقه من خفض لرسوم التداول خلال نيسان (أبريل) 2019، قامت السعودية بإدراج إصداراتها السيادية وتداولها، وذلك لأول مرة خلال 2018.
وتبع ذلك القرار الاستعانة بصناع السوق، المفوضين بتنشيط التداولات الثانوية للإصدارات الحكومية، وكلا الحدثين جاء في تموز (يوليو) 2018.
رسوم التداول
في السابق، كانت رسوم التداول توصف من قبل المراقبين بأنها مبالغ فيها، حيث تصل إلى عشر نقاط أساس، ثماني نقاط أساس تذهب للشركات المرخصة (شركات الوساطة) ونقطتا أساس تقسمان مناصفة بين هيئة السوق المالية و"تداول".
وأحد أسباب حصول الشركات المرخصة على ثماني نقاط أساس يرجع لانعدام السيولة، ما يؤدي لصفقات محدودة شهريا. لكن مستوى التداولات الشهرية أخذ مسارا مرتفعا منذ إدراج الديون الحكومية، الأمر الذي أدى إلى تعظيم أعداد وقيم الصفقات المنفذة.
وفي نيسان (أبريل) 2019، تم الإعلان عن حزمة من الإصلاحات، التي طال انتظارها من قبل المتعاملين في أسواق الدخل الثابت في السعودية، حيث تم إعادة هيكلة المقابل المادي للخدمات المقدمة لجهات الإصدار والمتداولين.
وإعادة هيكلة الرسوم تعد موجهة لشريحتين، الأولى جهات الإصدار وهذه التعديلات ستسهم في تخفيض الرسوم ذات الصلة بالإدراج في البورصة، وذلك يلامس 25 في المائة، وهذا الرقم قد يزيد وينقص، وفقا لعوامل متغيرة تتعلق بجهة الإصدار.
الشريحة الأخرى لمصلحة المستثمرين، حيث تم تخفيض رسوم التداول، إذ تصل حصة شركة تداول ما بين نقطة أساس إلى نصف نقطة (باستثناء الحالات التي يكون فيها أي من البائع أو المشتري متعاملا أوليا محددا).
وينتظر لقرار رفع الضوابط الخاصة بعمولة شركات الوساطة، عبر إزالة الحد الأدنى والأعلى الخاص بتنفيذ صفقات الشراء والبيع، أن يقود لإيجاد المنافسة بين تلك الشركات عبر تقديم رسوم منخفضة لجذب العملاء. ففي حال تنفيذ أي صفقة صكوك، تستقطع "تداول" حصتها من المقابل المادي، وكذلك شركة الوساطة، التي تم أمر الشراء أو البيع من خلالها.
وكان مجلس هيئة السوق المالية قد أصدر قراره في تموز (يوليو) 2020 باستمرار إعفاء المصدرين الراغبين في طرح أدوات دين طرحا عاما من سداد المقابل المالي المحصل للهيئة عند تقديم طلب تسجيل أدوات دين، وعند دراسة طلب تسجيل أدوات الدين، وعند تسجيل أدوات الدين، وذلك حتى نهاية 2025.
وبينت هيئة السوق المالية أن تلك المبادرة تأتي في إطار سعيها إلى تعزيز البيئة التنظيمية والاستقرار في السوق المالية، وتحقيقا لدور السوق المالية في تسهيل التمويل وتحفيز الاستثمار وتقديم الدعم اللازم للحفاظ على سلامة واستقرار القطاع المالي وجميع المشاركين فيه.
شركات الوساطة
أسهمت زيادة السيولة المتداولة خلال العام الماضي في تعجيل دخول ثلاث شركات وساطة جديدة، ليرتفع بذلك أعداد شركات الوساطة من 12 إلى 15 شركة نشطة في أسواق الدخل الثابت الثانوية.
وشهد حزيران (يونيو) وكانون الأول (ديسمبر) 2020 دخول شركات وساطة جديدة.
وبذلك حققت أعداد شركات الوساطة، التي انجذبت لتداولات أسواق الدخل الثابت خلال 2020 نسبة نمو تصل إلى 25 في المائة بعد دخول ثلاث شركات جديدة في 2020، مقارنة بـ12 شركة بنهاية 2019.
مع ارتفاع قيمة وحدة الصك الواحد، التي تعادل 1000، مقارنة بأسعار الأسهم، فهذا يعني أن المعدل المتوسط لقيمة صفقات الصكوك الحكومية (للصفقة الواحدة) لكل مستثمر فرد ستكون أعلى عند مقارنتها بصفقات الأسهم. وعليه فمن الطبيعي أن تزداد رسوم تنفيذ صفقات شراء وبيع الصكوك، التي تتحصلها شركات الوساطة.
وفي الوقت، الذي تبلغ فيه أعداد شركات الوساطة المالية في سوق الأسهم السعودية 31 شركة، يتفاوت هذا الرقم مع سوق الصكوك والسندات، فبعد الرجوع لشركات الوساطة كافة، التي نفذت صفقات شراء وبيع في السوق الثانوية (لأسواق الدين السعودية) خلال أربعة أعوام يتضح أن أعداد شركات الوساطة، التي تم رصدها هي 15 شركة (من بينها خمس من صناع السوق).
وحدة التقارير الاقتصادية