Author

العقوبات البديلة

|
بالإشارة إلى موافقة وزارة العدل العام الماضي بشأن استبدال بعض العقوبات التعزيرية بعقوبات بديلة بما يخالف تلك التي تصدرها المحكمة الناظرة في القضية، وعطفا على التعميم الوارد للمحاكم بإلغاء الجلد واستبداله بعقوبات أخرى، الذي يتيح الفرصة لمزيد من الإبداع في التعامل مع الأحكام القضائية التي اكتسبت صفة القطعية، نرى هنا الفرصة سانحة لتغيير المفاهيم العامة التي تبنتها المجتمعات والبحث في تحقيق أمرين مهمين، الأول تنفيذ الحكم القضائي بما يضمن تحقيق العدالة في المجتمع بالاقتصاص من المدان وتحقيق مصالح أخرى قد يستفيد منها المدعي أو أسرته أو المجتمع بكليته.
شاهدنا خروجا عن المألوف في كثير من القضايا التي حكم فيها القضاء بإلزام المدان بالخدمة المجتمعية وتلكم مهمة جدا، خصوصا بأن الجنح والجرائم التي ترتكب في مجتمع معين تؤثر في سلامة المجتمع، وقد تصيب سمعته. حين نتأكد من هذا المبدأ، نكون في بداية الطريق نحو اعتبار العقوبات وسائل للإصلاح الحقيقي وحماية المجتمعات وتهذيب مكوناتها.
عندما يعمل المدان في الجمعيات الخيرية أو الأعمال المدنية أو المشاركات المجتمعية أو حتى تنفيذ أعمال يدوية تحقق غرضا للمجتمع، يبدأ بالتعرف على حقائق مهمة، ومن أهمها الدور الذي يمارسه من يعملون في هذه المجالات، بل إنها قد تؤدي إلى تبنيه الدور وعزمه المشاركة فيه بعد أن يكمل العقوبة المحددة في الحكم الصادر عليه.
إذن، نحن بحاجة إلى تصنيف ما يمكن أن يكلف به الشخص من أعمال بعيدا عن الحبس والجلد، وبناء قائمة تربط بين هذه الأعمال وقيمتها المقارنة بالنسبة إلى العقوبات المحددة في الأنظمة، وتخرج من هذه المقارنة معادلات واضحة يمكن بناء عليها تحديد العقوبات وربطها بالمدد أو الإنجازات المطلوبة من الشخص.
كما أن علينا العمل على إقناع فئات المجتمع كافة بقيمة وأهمية هذا التوجه المهم، الذي يهدف في النهاية إلى تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية، ويسهم في حل عديد من الإشكالات المجتمعية واللوجستية المتعلقة بعمليات الحبس وأثرها. ثم إن مثل هذا التوجه يحتاج إلى تمكين عام، بحيث يستطيع مسؤولو الجهة تقويم مدى نجاح هذه التجربة في الحد من المخالفات والتجاوزات. ولعل من التجارب المهمة في المجال، تجربة السويد، التي وصلت إلى مرحلة إغلاق كثير من السجون وتوجيه الأبنية المخصصة لها لمجالات مهمة أخرى في خدمة المجتمع.
إنشرها