الاقتصاد الوطني والاستفادة من التخصيص

برنامج التخصيص هو أحد البرامج الطموحة التي تعمل عليها المملكة لزيادة كفاءة الاقتصاد وتعزيز فرص مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني إضافة إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وتوفير فرص جيدة للاستثمار للمواطنين كما تدعم مجموعة من الشركات الوطنية التي لها علاقة مباشرة بنشاط القطاعات التي سيتم تخصيصها.
كثيرون يتساءلون: ماذا أستفيد من التخصيص؟ وما الأثر الذي سينعكس على شكل الخدمات المقدمة للمواطن؟ وكيف يمكن للتخصيص أن يقدم حلولا يمكن أن تعزز من كفاءة الاقتصاد في علاج مجموعة من المشكلات؟ وهنا، هل سيكون للتخصيص أثر في مسائل مثل التوظيف، وتحسين الدخل، وزيادة كفاءة القوى العاملة الوطنية، والتحسن في الخدمات؟ والحقيقة، إن التخصيص ليس علاجا سحريا للمشكلات الاقتصادية، إلا أنه خطوة مهمة لمعالجة مجموعة من التعقيدات التي تعد جزءا من طبيعة المؤسسات الحكومية التي تعمل وفق أنظمة وإجراءات أقل مرونة مقارنة بالقطاع الخاص.
لعل أهم ما له علاقة مباشرة بالمواطن فيما يتعلق بالتخصيص هو، مستوى الخدمات وسهولة الحصول عليها، إضافة إلى الفرص الوظيفية التي يمكن أن تستحدثها هذه العملية، ليس من خلال توافر الوظائف فقط، بل حتى من جهة نوعية تلك الوظائف، حيث إن الوظائف الحكومية أصبحت غير جاذبة للكفاءات في كثير من الأحيان، لمحدودية الحوافز التي يمكن أن يحصل عليها الموظف، كما أن عدد الوظائف سيتناسب مع الاحتياج الفعلي للسوق، وليس وفق ما تمنحه المؤسسات الحكومية من الوظائف. ولو نظرنا إلى تجربة قطاع الاتصالات، الذي يعد أكثر القطاعات نجاحا في الخصخصة، لوجدنا أن أعداد الوظائف في هذا القطاع أكبر بكثير من الحالة التي ستؤول إليها الأمور لو لم يتم تخصيصه، باعتبار أن هذا القطاع ولد كثيرا من الخدمات التي يصعب على القطاع الحكومي اتخاذ قرار بخصوصها، كما أنه عزز فرص بعض الشركات الصغيرة للاستفادة من الفرص الموجودة في السوق. أما فيما يتعلق بالخدمات، فإن الاحتمال الأكبر أن يكون هناك تحسن ملحوظ في الخدمات باعتبار أن التحسن يعزز فرص نجاح هذه المؤسسات، إذ إن العوائد ستكون أفضل مع تحسن الخدمات، ووجود المرونة لدى هذه القطاعات سيكون له أثر في تنوع الخدمات المقدمة وكفاءة تشغيلها وتوزيع حصتها من الاهتمام وفق الاحتياج، ويكون هناك تقييم لكفاءة أدائها بما يعزز من سهولة الحصول على الخدمة.
كما أن خصخصة مجموعة من القطاعات، سيعزز من فرص المواطنين للحصول على فرص استثمارية جيدة وبعوائد مناسبة وسيزيد من الخيارات لديهم في السوق، خصوصا مع التوجه الحكومي لطرح وحدات من قطاعاتها تعد جديدة على السوق المالية، ما يزيد من تنوع الفرص في السوق المالية.
أما فيما يتعلق بالأثر في الاقتصاد، فإن التخصيص بطبيعته يعزز من كفاءة الإنفاق ويخفف من العبء على الميزانية الحكومية، حيث إن القطاع الخاص تأخذ طبيعة الإنفاق فيه مسار القيمة على العائد للشركة، وهذا يجعل الإنفاق يتم بما يحقق عوائد للشركة، في حين أن الأمر مختلف في القطاع الحكومي الذي يميل إلى التأكد من سلامة الإنفاق وفق البنود المخصصة للمؤسسات الحكومية، ولذلك تتم مراجعة الإنفاق في القطاع الخاص بما يؤدي إلى تخفيف الأعباء وتحقيق عوائد بشكل أكبر، كما أن الخصخصة سيكون لها أثر في إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، حيث لا تزال حصة القطاع الخاص ضعيفة في الناتج المحلي الذي تتطلع المملكة إلى أن يكون إسهامه أكبر بكثير من الواقع الحالي، كما أن القطاع الخاص لديه مرونة أكبر فيما يتعلق بالتوسع ونوع النشاط الذي يمكن أن يتوسع فيه.
ويبقى أن تجربة التخصيص تحد كبير يتعلق باحتمال تعثر بعض الشركات وعدم قدرتها على تقديم خدماتها بكفاءة عالية وصعوبة المنافسة أحيانا في السوق، حيث إن بعض القطاعات قد تكون جديدة في السوق، لكن قطاعات مثل التعليم قد تجد منافسة نسبيا.
الخلاصة: إن التخصيص اليوم سيكون له أثر ملحوظ في المواطن والاقتصاد من جهة الوظائف ونوعيتها وفرص العمل للمواطنين، إضافة إلى التحسن في الخدمات. وفيما يتعلق بالاقتصاد، فإن التخصيص سيخفف كثيرا فيما يتعلق بالإنفاق الحكومي، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي، ويبقى أن التحدي هو قدرة القطاعات التي سيتم تخصيصها على تحقيق الكفاءة المتوقعة، وقدرة بعضها على المنافسة في السوق، مثل قطاعي الصحة والتعليم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي