بحيرة الأصفر في الأحساء .. مأوى الطيور الأوروبية المهاجرة
منظر طبيعي خلاب تتميز به "بحيرة الأصفر" في محافظة الأحساء في المنطقة الشرقية، حيث تحيط بها الكثبان والتلال الرملية والأعشاب والشجيرات المتنوعة.
وتعد البحيرة محطة شتوية مؤقتة يستقر بها عديد من الطيور خلال موسم هجرتها من بيئاتها الأصلية الباردة شمالا في أوروبا وروسيا وأواسط آسيا.
وإلى الجنوب ضمن مسار رحلات الهجرة السنوية تأوي الطيور إلى البحيرة بفضل العوامل البيئية التي تسود المكان من حيث المناخ الدافئ وطبيعتها الغنية بمصادر الغذاء، سواء داخل مياه البحيرة بمساحة 326 مليون متر مربع أو في محيطها المطوق بالأشجار والنباتات الصحراوية، لتقضي هذه الفترة في أجواء مناسبة تساعدها على التكاثر، لتبدأ بعد ذلك وفق دورة حياتها رحلتها العكسية عائدة إلى مواطنها الأصلية.
تقع بحيرة الأصفر شرق مدينة العمران، حيث تعد أكبر تجمع مائي وسط الكثبان الرملية في منطقة الخليج، فعلى مدار الأعوام الماضية شكل ناتج التصريف المعالج لمياه مشروع الري والصرف في الأحساء الذي افتتح عام 1972، إلى جانب الأمطار الموسمية، مصدرا لمياه البحيرة، في حين أن موقعها البعيد عن التجمعات السكانية والمناطق الصناعية جعل منها "محمية طبيعية" تحتضن بيئتها تجمعا ثريا للنباتات والأسماك والطيور المقيمة والمهاجرة، وصنفت وفق ذلك في شباط (فبراير) 2019 من قبل وزارة البيئة والمياه والزراعة، في خطوة عدّها المتخصصون والمهتمون خطوة فاعلة للحفاظ على الطبيعية والتنوع البيولوجي للبحيرة وحماية أسراب الطيور المهاجرة من التلوث والصيد الجائر.
وتشكل البحيرة أحد مكونات واحة الأحساء الخضراء المعتمدة لدى منظمة اليونسكو، وجهة سياحية جاذبة، لتفردها بخاصية تجمع بين "الماء والرمال"، وأدرجتها الهيئة السعودية للسياحة ضمن التجارب السياحية المميزة في موسم "شتاء السعودية".
وأفاد الدكتور محمد الرشيد مدير مركز أبحاث الطيور في جامعة الملك فيصل، عضو هيئة التدريس في كلية الطب البيطري، بأن البيئة الطبيعة المتكاملة في بحيرة الأصفر جعلتها مكانا مناسبا للطيور في طريق هجرتها السنوية، الأمر الذي دفع بالمتخصصين إلى البحث وتوثيق أنواع الطيور المهاجرة لما تضيفه من تنوع في تفاصيل الحياة الفطرية في الأحساء.
ويشير الدكتور الرشيد، إلى تعدد أنواع الطيور المهاجرة وسماتها سواء في الحجم أو الشكل أو اللون، ومنها طائر الفلامنجو أو ما يعرف بالنحام، وهو من فصيلة الطيور المائية المعمرة ذات السيقان الطويلة والنحيلة، و"طائر السنقيل" وهو ينتمي لفصيلة البلشونيات، و"طائر القمري" وهي الحمامة الشائعة في المناطق المشجرة من أوروبا وجزء كبير من غرب آسيا وشمال إفريقيا، إضافة إلى "طائر مرزة البطائح" وهي من الفئة الجارحة المنتمية للبازية.
ومن أنواع الطيور المهاجرة طائر "درسة الشعير" وينتمي إلى فصيلة العنبريات،
والطيور ذات الذيل الأزرق وهي قريبة من الجاسرين - عائلة آكلي النحل - و"طائر خطاف المخازن" أو سنونو المخازن، وتصنف ضمن فئة السنونو التي تعيش في الأرياف والسهول المفتوحة في معظم أنحاء العالم، و"طائر أبو اليسر المطوق" وهي من أكثر الطيور المنتظمة في هجرتها كل عام لشبه الجزيرة العربية.
وطيلة موسم استقرار الطيور المهاجرة في بحيرة الأصفر، توثق عدسات هواة الطبيعة والطيور جوانب من مكنون الطبيعة، فيما ترصد لقطات المتخصصين تفاصل تثري صفحات البحوث والمراجع العلمية، وهنا يؤكد حسين الصالان، الباحث البيئي والمصور الفوتوغرافي، حرصه على رصد ومتابعة أسراب الطيور المهاجرة التي تحط رحالها في البحيرة سنويا قادمة من الشمال إلى الجنوب والعكس خلال موسمي الشتاء والصيف.
ويشير الباحث الصالان، إلى أنه رصد ووثق على مدى عشرة أعوام نحو 100 نوع من الطيور المقيمة أو المهاجرة التي تستوطن البحيرة وتستقر مع بداية فصل الشتاء حتى شهر أيار (مايو) من كل عام، مضيفا أن تصوير الطيور وتوثيق تفاصيل حياتها من أصعب وأدق مجالات التصوير، نظرا إلى ما تتمتع به من خفة ورشاقة وسرعة في الطيران.