اللحظة الواعدة في التعافي الأمريكي «2 من 2»

في تناول هذه التحديات التي تواجه جهود الإنقاذ والتعافي يجب على المرء أن ينظر إلى ما بعد عام 2021. فحتى يتسنى للانتعاش الاقتصادي الحالي أن يتطور إلى ذلك النوع من التعافي الذي يحتاج إليه اقتصاد الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي الذي يمكنه تسليمه، فإنه يحتاج إلى إثبات كونه دائما، وشاملا، ومستداما. لن يضطر صناع السياسات إلى تجنب بعض المزالق الكبرى هذا العام فحسب، بل سيكون لزاما عليهم أيضا أن يبذلوا مزيدا من الجهد في التصدي للتأثيرات المتبقية بعد الجائحة، خاصة تلك التي قد تقوض ميزانيات الأسر وتعوق الإنتاجية والنمو على الصعيدين الداخلي والعالمي.
بالحكم من خلال مسار التعافي الحالي، قد تنبع رياح معاكسة شديدة من مصادر عديدة. وتشمل هذه المصادر الاتساع المحتمل في فجوات التفاوت الاقتصادي والمالي والصحي بين الاقتصادات المتقدمة والنامية، والانفصال المتزايد العمق بين مين ستريت - الظروف الاقتصادية والاجتماعية - وول ستريت - أسعار الأصول المالية -، وتحديات الدين السيادية وديون الشركات، خاصة في العالم النامي، والتداعيات الاجتماعية والسياسية والمؤسسية والاقتصادية المترتبة على الارتفاعات الأخيرة في أشكال التفاوت في الدخل والثروة والفرصة.
من الممكن أن يفعل التصميم الجيد للسياسة وتنفيذها الدقيق كثيرا للحد من هذه المخاطر. لكن إدامة التعافي تتطلب دفعة متواصلة للسياسة. فبعد إقرار حزمة التعافي بقيمة 1.9 تريليون دولار، يتعين على الولايات المتحدة أن تتحرك بسرعة لتفعيل الحزمة المالية الثانية المقترحة من قبل إدارة بايدن التي تهدف بشكل مباشر إلى تعزيز الإنتاجية والنمو الشامل في الأمد الأبعد.
علاوة على ذلك، يجب أن ينظر صناع السياسات في الولايات المتحدة عن كثب في أداء سوق العمل، سواء بشكل مباشر أو بالتعاون مع القطاع الخاص. ومن الأهمية بمكان أن يتبنوا المهمة الدقيقة المتمثلة في إعادة التوازن إلى مزيج الاقتصاد الكلي، حيث يتضاءل الاعتماد على السياسات النقدية غير التقليدية، خاصة مشتريات الأصول المفتوحة على نطاق ضخم وأسعار الفائدة المكبوتة للغاية، ومزيدا من التأكيد على الإصلاحات البنيوية والتدابير الاحترازية الكلية.
بعد الأحداث المروعة التي شهدها عام 2020، يأتي التفاؤل المبرر بشأن الاقتصاد الأمريكي. والآن أصبحت الرؤية المقنعة لمستقبل أكثر إشراقا أشد وضوحا. وهذا من الممكن أن يساعد، بل ينبغي له أن يساعد صناع السياسات على المضي قدما في تنفيذ التدابير الوقائية للتخفيف من المخاطر الكبرى التي تلوح في الأفق.
إنها لمأساة كبرى أن يكرر قادة العالم الأخطاء التي ارتكبوها خلال فترة ما بعد عام 2008، عندما انتصروا في الحرب ضد الكساد لكنهم فشلوا بعد ذلك في تأمين السلام من خلال النمو المرتفع والدائم والشامل والمستدام. الآن تضطلع الولايات المتحدة بدور بالغ الأهمية في هذا الصدد. ومن خلال اغتنام اللحظة، يستطيع صناع السياسات تجنيب الولايات المتحدة، وبالتالي بقية الاقتصاد العالمي هذه المخاطر غير الضرورية.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي