Author

سياسات الإحلال والتصدير النوعي

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

تلعب الصادرات دورا حيويا في توليد النقد الأجنبي وتعزيز قوة العملة المحلية، ولذا تولي الحكومات حول العالم أهمية كبرى لسياسات التصدير التي تجلب النقد من خارج الحدود.
إن حجم النقد المتولد في اقتصادنا هو متولد من عمليات تصدير النفط بالدرجة الأولى إلا أننا في الوقت نفسه نعاني مشكلة مزدوجة، إن النقد الوطني يذهب في مسيرة أخرى معاكسة نحو خارج المنظومة الاقتصادية، وفي صورة تسرب نقدي لشراء سلع ومنتجات استهلاكية أو تحويلات نقدية من رواتب الوافدين الأجانب أو في صورة اتجار غير مشروع من عمليات التستر أو سوق الظل خارج الحسابات الرسمية.
نتج من عمليات إغراق الأسواق بالواردات الاستهلاكية ضعف الإنتاج التصنيعي الداخلي، وأدى إلى نشوء سوق استهلاكية ضخمة في مقابل أن صادرات السلعية الوطنية التي تصنع داخليا لا تزال منخفضة.
إن نسبة السلع المصدرة إذا ما تمت مقارنتها بنسبة الصادرات النفطية والبتروكيمياويات مجتمعة لا تتخطى 7 في المائة كمتوسط حسابي ما بين عامي 2005 و2019.
نحن في المملكة نحتاج إلى إعادة تعريف بعض السياسات الاقتصادية الخاصة بالصناعة والتصدير والاستهلاك الداخلي بهدف زيادة فعالية جهودنا الاستراتيجية نحو تعديل الهيكل الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط والمنتجات النفطية، إضافة إلى تعميق إصلاحات الأسواق الداخلية إلى مستويات غير مسبوقة.
طرح نظرية التجارة الكلاسيكية الجديدة إلى أن النمو الاقتصادي بحد ذاته يؤدي إلى زيادة الصادرات، وأعتقد أن ذلك صحيح في الدول غير النفطية لذا نحن في السعودية أدى النمو الاقتصادي إلى مزيد من الاستهلاك ومزيد من التسرب النقدي وتحول اعتمادنا الاستهلاكي نحو فاتورة الواردات وتبع ذلك زيادة في عدد الأجانب في قطاع التجزئة، ولا سيما أنهم يمارسون بيع منتجات مستوردة تزيد من تسرب النقد للخارج.
لذا، فنحن أمام حالة اقتصادية فريدة، وتحتاج إلى مزيج من العمل الاستراتيجي والسياسات الاقتصادي والتجارية ووعي بطبيعة الأعمال في الأسواق الداخلية من حيث التكوين والنشوء لأسواقنا وطبيعة الوظائف والاستثمارات وأثرها في نمو رأس المال الوطني.
أعتقد أن الحل يكمن في تمويل شركات متوسطة يزيد إيرادها على 200 مليون ريال وتحفيزها لتقديم خدمات ومنتجات موجهة إلى الأسواق الخارجية بمعنى آخر بناء شركات متوسطة للصناعات التصديرية النوعية تستهدف الأسواق الخارجية، وفي الوقت نفسه نحن بحاجة إلى نموذج شركات أخرى تعمل في إنتاج سلع وخدمات داخلية تستهدف تخفيف فاتورة الواردات الاستهلاكية والسلع المرتفعة سعريا التي تؤثر في سلة التضخم للمستهلكين.
في ختام مقال اليوم، أدعو إلى تبني سياستين: سياسة إحلال لتخفيف فاتورة الواردات المرتفعة، وسياسة أخرى معاكسة تستهدف الصناعات التصديرية ذات التنافسية العالية البعيدة عن النفط والصناعات البتروكيماوية، وبذلك يمكننا تحقيق سياسات تستهدف إصلاحا اقتصاديا عميقا وتحقيق غاياتنا الاقتصادية الأساسية، وربط القيمة المحلية مع سلسلة القيمة العالمية.
إنشرها