ردع الغش والتستر

ليس من المفاجئ اكتشاف معامل لعسل مغشوش أو زيوت فاسدة من الغذاء إلى الكماليات يعاد تعبئتها وتسويقها في شقق أو فلل هنا وهناك، وتجتهد فرق وزارة التجارة مدعومة بجهات حكومية أخرى في الإعلان عن مداهمات ردعا وتحذيرا، لكن المفقود دائما هو الكشف عن سلسلة الإمدادات لهذه "المنشآت" من محال تسويق وشبكة نقل وتوزيع، ولو دققت النظر في الطريق أو أمام تموينات ستجد سيارة نقل صغيرة "وانيت" مصندقة، هي الوسيلة الأكثر شيوعا لنقل وتوزيع التموين لهذه المحال وفي الغالب لا يوجد على هذه السيارات إشارة لمن تتبع، شبكة التموين الغامضة أو الضبابية تلك وسيلة مثلى لنقل وتسويق الصالح والطالح من المواد.
وبالنسبة إلى المواقع مثل شقق ومنازل تستخدم لتعبئة المغشوش والفاسد، أصبح بالإمكان محاصرتها أكثر من ذي قبل بعد تطور الأنظمة من إلزام بعنوان وطني يحدث باستمرار، إلى أنظمة العقار كـ"إيجار" التي أصبحت تؤطر المسؤوليات على مكاتب العقارات والمستأجرين بمرجعية حكومية.
إن الكشف عن معمل غش واحد ـ في المفترض ـ سيقود إلى شبكة كبيرة إذا ما أحسن استثمار المعلومات عن المبيعات وخطوط التسويق والمحال التي تبيع سلعا مغشوشة ستعرض مثيلا لها سيقود حتما إلى معامل غش أخرى، ثم إن من المهم مكافأة المبلغين وإعلان ذلك لتشجيع غيرهم وكشف الوسائل التي من شأنها الاستدلال على مواقع الغش بما فيها من مكائن وخطوط إنتاج ومستودع ليس من السهل إخفاؤها عن الجيران.
جاء الوقت الذي يجب فيه الانتهاء من لعبة القط والفأر، وإذا كان للتستر دور في استفحال الغش والاحتيال، فإن بعض النظامي لا يتردد في الانغماس بهذه الممارسات فالربح وفير وعين الرقيب مهما حاولت لن تتمكن من شمولية الرقابة على كل زاوية.
...
مع الفرص التي أتاحتها مبادرة "صحح تجارتك" التي أطلقتها وزارة التجارة من خلال البرنامج الوطني لمكافحة التستر، من المؤكد أن التخوف من عقوبات ومخالفات سيكون حاجزا للكثيرين منهم يحد من التجاوب، لذلك من المهم أن يوفر البرنامج الوطني إحصائية أسبوعية أو نصف شهرية لعدد المنشآت والأفراد الذين بادروا بالتجاوب مع الحملة، مع إرشاد لطريقة التسجيل والحصول على الخدمة، كما أنه من المفيد تكثيف نشر قضايا تستر تورط فيها أفراد نتيجة لحسن النية أو الطمع والخسائر التي تعرضوا لها وديون وقعوا ضحية لها بسبب خلافات أو هروب وسفر المتستر عليهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي