Author

ثقافة الاستهزاء

|
الاستهزاء بالشيء هو الاستخفاف به أو التنقيص من حقه أو السخرية منه، وهي عادة ذميمة وأمر سيئ. ويكون الاستهزاء عادة بشكل الشخص أو لونه أو جنسه أو مستواه الاجتماعي أو حالته المادية وغير ذلك. وشتان بينه وبين المزح المباح، فالأخير لا ينطوي على إنقاص الآخرين أو التقليل من شأنهم، وإنما هو مداعبة لطيفة يمارسها الجميع لإدخال السرور على الأنفس. ونلحظ أخيرا ازدياد ظاهرة الاستهزاء، خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. والاستهزاء لا يصدر إلا ممن يفتقر إلى الأخلاق الحميدة أو ممن تملكت الغيرة قلبه، وفيه إشارة واضحة إلى الأنانية وحب الذات والجهل والتعالي على الآخرين وضعف الوازع الديني، ولا يعفى من ذلك كونه قد لبس بلباس الكوميديا أو غيرها. وورد التحذير الشديد من الاستهزاء في القرآن والسنة وشددت العقوبة على من يفعل ذلك حتى إن ادعى أنه كان مازحا «إنما كنا نخوض ونلعب...» وفي الأثر "لا تستهزئ بأخيك فيعافيه الله ويبتليك". وبالطبع، فإن الاستهزاء أو السخرية تكون بين الناس بعضهم بعضا، ولكنها بين الأزواج أشد سوءا لما قد يترتب عليها من عواقب وخيمة قد تطول تماسك الأسرة. كما أن الاستهزاء بالأطفال يترك بصمات واضحة على الطفل وحياته المستقبلية، وهو سلوك تربوي خاطئ يقود الطفل إلى التردد وضعف الثقة بالنفس وإلى العزلة الاجتماعية. ومن الأمور التي تسهم في إضعاف شأن المستهزئين، هو الحرص على عدم التفاعل معهم، وعدم الانفعال مما يصدر منهم، بل الواجب النظر إلى المستهزئ وكأنه مريض بحاجة إلى علاج، وكذلك عدم مناقشته أو الدخول معه في مهاترات لا تؤدي عادة إلى نتيجة محمودة، بل على العكس ربما تقود إلى عواقب سيئة، كما هو مشاهد. وقد أحسنت النيابة العامة في المملكة حين قررت، "أن إنتاج أو إرسال أو إعادة إرسال ما يتضمن السخرية أو الاستهزاء أو الإثارة ومن شأنه المساس بالنظام العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو أي وسيلة تقنية، تعد جريمة معلوماتية تصل عقوبتها إلى السجن خمسة أعوام وغرامة ثلاثة ملايين ريال". وذلك لأهمية حفظ حقوق الأفراد في المجتمع، والمحافظة على السلم الداخلي، فلا سبيل لتطور المجتمعات وازدهارها إلا بالنظام، والنظام لا يتحقق إلا بضبط الممارسات الخاطئة.
إنشرها