Author

كيف نسيطر على أسعار المستهلكين؟

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

يتمثل خطر تضخم الأسعار في تأثيره على المستهلكين والقوة الشرائية للعملة النقدية والغلة والأرباح، في مقابل أن انخفاض معدله يشكل تهديدا آخر يؤثر سلبا في معدل الاستثمارات ومن ثم في النمو الاقتصادي الكلي، لذا يلعب التضخم دورا حيويا في سلامة نمو الاقتصاد، ويمكننا تشبيهه بمعدل ضغط دم الجسم البشري، فالمعدل المرتفع أو المنخفض يشكلان تهديدا للحياة، ولذا هناك معدل صحي، ويمكن تسميته بمعدل التضخم المستهدف.
أدرك تماما الأدوات النقدية والمالية التقليدية والمستخدمة في السيطرة على التضخم، ولن أشرح تلك الأدوات فهي معروفة لدى صناع السياسات الاقتصادية، غير أن مقالة اليوم ستنطوي على مفاهيم ضمنية أخرى جديدة في موضوع يتسم أصلا بالتعقيد والجدل بين الاقتصاديين.
في ذلك السياق، إن سلة المستهلكين لقياس التضخم هي سلع ضرورية تحتاج إليها كل أسرة سعودية، فيمكن من خلال استهدافها بالدعم المباشر أن نزيد إنتاج تلك السلع بدعم مشاريعها، كمشاريع متوسطة، ولا سيما للمشاريع التي تزيد إيراداتها على 200 مليون ريال، كما أحب أن أشير إلى أن اقتصادنا هو اقتصاد استهلاكي، فبذلك نكون عالجنا مشكلتين متداخلتين: التضخم وضعف الإنتاج السلعي داخل المملكة والتوظيف وكلها عناصر متعاكسة مع التضخم، كما تسهم فكرة معالجة التضخم عبر حلول اقتصادية سلعية في الحد من التسرب النقدي إلى الخارج بسبب طبيعة اقتصادنا الاستهلاكية.
بمعنى آخر: نسيطر على التضخم السعري للسلع الضرورية للمستهلكين برفع معدلات دعم مشاريع الإنتاج السلعي للسلع المتضخمة نفسها، وبذلك نحول التضخم من أساس نقدي، كما يعرفه الاقتصاديون، إلى أساس معالجة سلعية، وفي الوقت نفسه نرفع استثمارات البلاد الأساسية. أما التضخم العام، فيمكن الاستمرار في معالجته بالأدوات التقليدية التي يعرفها الاقتصاديون في مقابل أنه يمكننا معالجة تضخم أسعار الأصول، مثل العقارات، بتعديل سياسات الدعم المالي بهدف تأخير صعود الأسعار عبر دعم بناء الشقق بدلا من الوحدات المستقلة للأسر الجديدة، ثم إن زيادة عدد الشقق تؤدي إلى تراجع أسعار إيجار الشقق التي تقع ضمن سلة أسعار التضخم للأسر، كما أن التنظيمات والتشريعات تسهم في مكافحة العوامل غير الاقتصادية، كالمضاربة، وتدوير ملكية الأصول بين مجموعات متواطئة لأهداف غير اقتصادية من خلال تكرار البيع والشراء لرفع السعر. ورغم خطورة تلك الممارسات في فشل الأسواق واستنزاف القوة الشرائية للعملة الوطنية إلا أن التنظيمات يمكن أن تحد منها، كما أن الفوائض النقدية المتاحة لدى مضاربي الأراضي والأصول ستتجه إلى المصارف، وهذا مفيد للنظام المصرفي لتمويل مشاريع الإنتاج السلعي للشركات المتوسطة.
في الختام، تقوم المفاهيم الضمنية السابقة في مكافحة التضخم على أساس معالجتين غير تقليديتين: وهما معالجة التضخم على أساس سلعي وليس نقديا، أما في جانب معالجة تضخم الأصول، فتتم من خلال تمكين الأصول من دورها الاقتصادي الحقيقي وتحويلها إلى ممكن اقتصادي منتج.
إنشرها