محللون: تركيز السوق النفطية ينصب على تشديد الأساسيات وترقب خطوات «أوبك +» المقبلة

محللون: تركيز السوق النفطية ينصب على تشديد الأساسيات وترقب خطوات «أوبك +» المقبلة

سيطرت التقلبات السعرية على تعاملات النفط الخام أمس، وانخفضت في وقت سابق على أثر زيادة غير متوقعة في المخزونات النفطية لكنها استأنفت الصعود في وقت لاحق لتبقى حول أعلى مستوى في 13 شهرا.
وتتلقى الأسعار دعما قويا من تعافي الطلب تدريجيا بفعل التفاؤل بالانتشار السريع لعملية التطعيم بلقاحات كورونا إضافة إلى انكماش قوي في المعروض النفطي بفعل قيود إنتاج مجموعة "أوبك +" وتعثر تعافي الإنتاج الأمريكي بعد موجة الطقس المتجمد وهو دفع مؤسسات دولية إلى توقع عجز واضح في العرض خلال الربع الأول من العام الجاري.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أمس إن مخزونات الخام والبنزين في الولايات المتحدة زادت، في حين انخفض مخزون نواتج التقطير. ارتفعت مخزونات الخام 1.3 مليون برميل على مدى الأسبوع المنتهي في 19 شباط (فبراير).
ونقلت "رويترز" عن إدارة المعلومات قولها إن مخزونات الخام بمركز التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما زادت 2.8 مليون برميل.
وأضافت أن استهلاك الخام بمصافي التكرير نزل 2.6 مليون برميل يوميا الأسبوع الماضي. وانخفضت معدلات تشغيل المصافي 14.5 نقطة مئوية.
وزادت مخزونات البنزين 12 ألف برميل، في حين توقع المحللون في استطلاع "رويترز" انخفاضا قدره 3.1 مليون برميل. وأظهرت البيانات تراجع مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، خمسة ملايين برميل، في مقابل توقعات لانخفاض قدره 3.7 مليون برميل. وارتفع صافي واردات الولايات المتحدة من الخام 249 ألف برميل يوميا الأسبوع الماضي.
ويقول لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون إن تركيز السوق النفطية حاليا على تشديد الأساسيات وترقب الخطوة التالية لمجموعة "أوبك +" خلال الاجتماع الوزاري المرتقب مطلع الشهر المقبل الذي من المرجح أن يقر بعض الزيادات الإنتاجية استجابة لتعافي الطلب وصعود الأسعار.
وفي سياق متصل، قامت منظمة أوبك بالإعلان عن تأجيل ندوتها الدولية الثامنة حتى العام المقبل بسبب جائحة كوفيد - 19، مشيرة إلى أن الندوة التي كان من المقرر أصلا عقدها في 16 و17 حزيران (يونيو) 2021 ستعقد في 29 و30 حزيران (يونيو) 2022 في فيينا.
وقال محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة أوبك في بيان له أمس، "تعد ندوة أوبك الدولية واحدة من الأحداث الرئيسة في أجندة الطاقة العالمية ويأتي قرار التأجيل بعد مشاورات وثيقة للغاية مع عديد من أصحاب المصلحة بما في ذلك الدول الأعضاء وذلك بسبب الإغلاق العام وقيود السفر وصعوبة الإعداد لأحداث دولية كبرى في ظل الظروف الراهنة".
وفي هذا الإطار، يقول أندرو موريس مدير شركة "بويري" الدولية للاستشارات إن الأسعار ما زالت تلقى دعما جيدا خاصة بالنسبة إلى العقود الآجلة وذلك بسبب التفاؤل بانتعاش الطلب نتيجة الانتشار السريع للقاحات كورونا إضافة إلى انقطاع عمل جزء مؤثر من المصافي الأمريكية وقد كبح المكاسب السعرية بيانات تؤكد تسارع وتيرة بناء المخزونات.
ولفت إلى أن السوق النفطية مدعومة بأساسيات قوية وهو ما دفع إلى توقع المزيد من المكاسب السعرية خلال العام الجاري مشيرا إلى جاهزية السوق حاليا لاستيعاب زيادات إنتاجية من مجموعة "أوبك +" قد يتم إقرارها مطلع آذار (مارس) المقبل خاصة مع انتهاء فترة التخفيضات الطوعية الإضافية من جانب السعودية.
ويرى، أندريه جروس مدير شركة "إم إم إيه سي" الألمانية للطاقة، أن السوق يبدو أنها تتجاوز بوتيرة جيدة أزمة إصابات كورونا والإغلاق العام في عديد من دول العالم وهناك مؤشرات على استعادة الطلب عافيته مع استئناف الحركة على الطرق وعودة حركة السفر تدريجيا، معتبرا أن "أوبك +" لو قررت زيادة الإنتاج لن يمثل الأمر أي مفاجأة للسوق وسيكون في إطار الاستجابات الطبيعية لمتغيرات السوق.
ونوه إلى أن أغلب التوقعات تصب في مصلحة تعافي الطلب على نحو أوسع في النصف الثاني من العام بفعل التقدم المستمر في اعتماد اللقاحات الجديدة وانتشار توزيعها على نطاق واسع لافتا إلى أن زيادات العرض مطلوبة في هذه المرحلة خاصة في ظل الأزمة الطارئة للإنتاج الأمريكي التي يحتاج الخروج منها إلى بعض الوقت كما يدرك الجميع جيدا أن "أوبك +" لن تقدم في الأغلب على زيادة العرض بشكل كبير.
من ناحيته، يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا إن المخزونات النفطية الأمريكية تلعب دورا رئيسا كمحرك للأسعار وإن الارتفاع المفاجئ لها أدى إلى ضغوط قوية على الأسعار ولكن الجميع يدرك أن العوامل الداعمة لصعود الأسعار ما زالت مهيمنة على السوق ولذا تم استئناف المكاسب بعد فترة وجيزة وبقت أسعار النفط الخام حول أعلى مستوى في 13 شهرا.
ونوه إلى احتياج عديد من الدول المنتجة في الشرق الأوسط إلى أسعار مرتفعة للنفط الخام حيث تقوم اقتصاداتها بشكل رئيس على النفط الخام كمورد رئيس ولذا فإن كثيرا من موازنات الدول المنتجة أصبحت في وضع أفضل بعد تجاوز مستوى خام برنت 65 دولارا للبرميل كما أن هناك كثيرا من البنوك والمؤسسات المالية ترشح في توقعاتها خام برنت لمستوى 80 دولارا للبرميل قبل نهاية العام الجاري. وتضيف، الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير محللي المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة أن وضع الإنتاج الأمريكي متأرجح لأسباب عديدة خاصة بالتمويل والديون وارتفاع تكاليف الإنتاج وقد أضيف لها أخيرا التعطل الناتج عن صعوبات الطقس مشيرة إلى أن لا أحد يعرف مدى السرعة التي يمكن بها إعادة الإمداد المتعطل إلى الأسواق ولذا فان انكماش المعروض ساهم في تسريع صعود الأسعار وحصد المكاسب.
وذكرت أن أساسيات السوق بالتأكيد في وضع أفضل الآن خاصة مع تعافي الطلب وضعف الدولار وفي ظل الحوافز المالية التي أقرتها الإدارة الأمريكية إضافة إلى تسارع وتيرة طرح اللقاحات وتخفيف الإغلاق مشيرة إلى أن هذه العوامل مجتمعة تعني إيجابية وضع السوق حاليا ومستقبلا على الرغم من تنامي المخزونات الأمريكية من حين إلى آخر.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس في ظل استمرار حالات انقطاع الكهرباء في الولايات المتحدة وضعف الدولار لكن زيادة مفاجئة في مخزونات الخام الأمريكية الأسبوع الماضي حدت من المكاسب.
وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 52 سنتا أو ما يعادل 0.8 في المائة إلى 65.89 دولار للبرميل بحلول الساعة 11:09 بتوقيت جرينتش، بعد أن تراجعت إلى أدنى مستوى خلال الجلسة عند 64.80 دولار. وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 37 سنتا أو ما يعادل 0.6 في المائة إلى 62.04 دولار للبرميل، بعد تداولها عند مستوى متدن وصل إلى 60.97 دولار في وقت سابق أمس.
وذكر معهد البترول الأمريكي أمس الأول أن مخزونات الخام زادت مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 19 شباط (فبراير) الجاري، مقارنة بتقديرات بانخفاض 5.2 مليون برميل في استطلاع أجرته "رويترز".
لكن البيانات أظهرت تراجعا أكبر من المتوقع لنواتج التقطير بواقع 4.5 مليون برميل.
وقال كيفن سولومون المحلل لدى ستون إكس "شهدنا تأرجح النفط ما بين الأرباح والخسائر، لكنه تعزز في الآونة الأخيرة بسبب ضعف الدولار الأمريكي".
وجرى تداول مؤشر الدولار أمام سلة من ست عملات رئيسة قرب أدنى مستوى في ستة أسابيع أمس..
وقال وانج تاو المحلل الفني لدى "رويترز" إن برنت ربما يرتفع إلى نطاق بين 66.45 و66.97 دولار للبرميل مجددا، مثلما يشير نمط موجته وتحليلات للتوقعات.
ويعد تراجع الأسعار بمنزلة هدنة لالتقاط الأنفاس بعد ارتفاع خامي برنت وغرب تكساس الوسيط الأمريكي بأكثر من 26 في المائة لأعلى مستوى في 13 شهرا.
وقفزت الأسعار بسبب تعطل الإمدادات الأمريكية وامتثال على صعيد المعروض من جانب منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها، المجموعة المسماة "أوبك +"، بقيادة خفض إضافي تقوم به السعودية بمقدار مليون برميل يوميا.
وقالت مؤسسة "مورجان ستانلي" في مذكرة إن سوق النفط العالمية تعاني نقصا في المعروض بنحو 2.8 مليون برميل يوميا حتى الآن هذا العام، ورفعت توقعات خام برنت خلال الربع الثالث إلى 70 دولارا للبرميل.

الأكثر قراءة