Author

اندماج البنوك الصغيرة

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

تلعب منظومة المصارف دورا حيويا في تمويل الاقتصاد، ولا سيما في تمويل الإنتاج والتنمية. ورغم التشابه الكبير بين الشركات والمصارف في عمليات الاندماج، إلا أن المصارف لها طبيعة مختلفة إلى حد كبير عن الشركات، فالمصارف تجارتها نقدية وليست سلعية، ما يجعلها عنصرا حساسا في سلامة الاقتصاد والنمو والتنمية وتنامي الثروات ونقلها للمجتمع، خاصة في مجتمعات مثل دول الخليج ذات الاقتصاد الريعي، الذي تقوده الدول عبر النفط والغاز.
تزايد عدد المصارف الصغيرة المتوسطة، غالبا يشكل عبئا تنافسيا، ويرفع من تكلفة القروض، ويزيد متوسط تكلفة الاقتراض بين المصارف، - السايبور SIBOR -، فهي غالبا تسعر بمستويات أعلى من سعر المنافسين، ويعزى تسعيرها المرتفع إلى طبيعتها الإقراضية المنخفضة، وضعف ودائعها، وطلبها الدائم الاقتراض من المصارف الأكبر.
إن الحالة الوحيدة التي نرى فيها لوجود المصارف الصغيرة ميزة اقتصادية عندما تتخصص في تمويل الشركات وقطاعات الأعمال المختلفة على أساس نوعي، مثل تمويل فواتير المشتريات الخارجية، أو تمويل صغار المزارعين، أو تمويل ريادة الأعمال أو الكيانات الصغيرة والمتوسطة، أو أي تمويل يحقق منفعة إنتاجية. وبذلك، يمكننا قبول زيادة التكلفة الإقراضية في مقابل إمداد عمليات الإنتاج بالأموال اللازمة.
تفتيت منافع الكتلة النقدية الوطنية عبر الحسابات الجارية والادخارية في المصارف الصغيرة، يشكل تقليصا لمنافع تلك الأموال في عمليات إعادة إقراض المجتمع بأسعار فوائد منخفضة، ورغم ذلك فإن مصارفنا الصغيرة لا تزال قريبة من المصارف الكبيرة في هوامش الإقراض الشخصي، بسبب أن محافظ إقراض المستهلكين مصدر ربح سهل ومضمون، مدعوم بضمانات عالية الجودة من حيث ارتباطها بالراتب.
نحن حاليا نعيش في مرحلة تحول اقتصادي، يتطلب منا إعادة تعريف دور المصارف الصغيرة، لتروية الاقتصاد بالنقد الموجه، عبر منح رخص جديدة لمصارف صغيرة تمول أعمالنا الصغيرة والمتوسطة والمزارعين والخدمات المهنية الطبية والاستهلاكية للشركات الصغيرة، مع فتح خطوط إقراض للمشتريات الخارجية الخاصة بالأعمال الصغيرة والمتوسطة، أو حتى تمول الأعمال الريادية الناجحة، أو تمويل مشتريات بناء مساكن المواطنين.
أعتقد أننا في المرحلة المقبلة قد نشهد اندماج المصارف الصغيرة، وسيكون لها أثر إيجابي في تقديم خدمات تنافسية مع المصارف الكبيرة، وستشكل تكتلات مصرفية قادرة على تمويل المشاريع الكبرى للبلاد، وستصمد إذا ما فتحنا أسواقنا لمزيد من المصارف الأجنبية، وفي الوقت ذاته، نحن أمام فرصة حقيقية لإطلاق جيل جديد من المصارف الصغيرة المختصة، ويقل رأسمالها عن 12 مليار ريال، حيث نوجه رخصها لتمويل الأعمال الصغيرة والمتوسطة والزراعية والخدمية والريادية وتمويل فواتير المشتريات، وغيرها من القطاعات التي لم تنل حظها من التمويل.
إن اندماج المصارف الصغيرة الموجودة حاليا، سينقلها إلى مستوى تنافسي أعلى، ويفتح مجالا لجيل جديد من المصارف المختصة لتمول كل شيء في الاقتصاد، باستثناء القروض الاستهلاكية والعقارات.
إنشرها