بنية رقمية برؤية تستبق الأحداث

اتخذت السعودية قفزات نوعية لتسريع التحول الرقمي وتبني أنظمة الاتصالات وتقنية المعلومات، وتفعيل استخدامها للوصول إلى أدوات اقتصاد رقمي من أجل تحقيق معدلات رفيعة من الوسائل التقنية للخدمات التي تقدم للمواطنين وتسهل أمور حياتهم. فقد تم نشر مفهوم التعاملات الإلكترونية في الجهات الحكومية المختلفة، لتكون نموذجا رقميا يحقق الاستدامة الاقتصادية والريادة العالمية ويحسن من جودة الحياة. في كل مرة يتحدث فيها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نجد حديث المتمكن المتبحر في التفاصيل، المدرك لكل التحولات والتصورات المستقبلية. ومنذ انطلاقة رؤية المملكة 2030، والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي يحتل اهتماما واسعا من لدن ولي العهد. وكان تدشين مشروع مدينة نيوم، وتلك المقارنة بين أجيال التقنية، تأكيدا على عزم ولي العهد بشأن وضع المملكة على خريطة العالم في مجالات التقنية والتحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي. ولعل أهم مخرجات اجتماعات قمة العشرين هو، لفت الانتباه إلى مشكلة الفجوة الرقمية، فهي التي تشكل معوقا كبيرا في النمو الاقتصادي العالمي، وهذه الفجوة الرقمية تمثل تلك البيئة الرقمية المحفزة. وأكد ولي العهد، مع انعقاد قمة العشرين، أن المملكة قفزت 40 مركزا في مؤشر البنية التحتية الرقمية للاتصالات وتقنية المعلومات، لكن ذلك لم يأت من فراغ، بل من جهد جبار تركز على معالجة الفجوة الرقمية، فتم وضع استثمارات تجاوزت 55 مليار ريال في البنية الرقمية للمملكة، ما نتج عنها رفع مستوى متوسط سرعة الإنترنت، حتى أصبحت السعودية الدولة الأولى في سرعات الجيل الخامس، ومن ضمن الدول العشر الأولى عالميا في سرعات الإنترنت المتنقل، بعدما كنا خارج قائمة أعلى 100 دولة. كما أكد ولي العهد، أن عدد المنازل المرتبطة بشبكة الألياف الضوئية تضاعف ثلاث مرات، من مليون منزل إلى 3.5 مليون منزل. فالمملكة تعمل بسرعة وقوة وحزم بشأن تنمية البنية الأساسية الرقمية في الاقتصاد وسد الفجوات كافة التي تعوق المجتمع من إنجاز التحول المنشود. ويمكن القول إنه - وبعد توفيق الله - لولا تلك الرؤية الثاقبة لولي العهد، المتعلقة بأهمية التحول الرقمي وسد الفجوة الرقمية في وقت لم يكن هناك من يتصور حدوث الجائحة أو ما تسببت فيه من توقف للاقتصاد، ما تمكنا فعليا من استمرار العمل لأكثر من 94 في المائة من الجهات الحكومية والقطاع الخاص خلال فترة الجائحة، ورفع نسبة توطين الوظائف في القطاع إلى 50 في المائة. تلك الرؤية التي سبقت الأحداث، ومكنت من تجاوز الأزمة التي كادت أن تكون خانقة تماما. فمنذ بداية أزمة جائحة كورونا، بينما كان كثير من الدول يتخبط من حولنا، كانت جميع الخدمات في السعودية تقدم بشكل طبيعي وسهل ومنتظم، باستخدام أفضل التطبيقات التقنية الحديثة. وقد برزت أهمية تطوير تلك البرمجيات التي سرعت فهم المجتمع والجهات الحكومية لأهمية التطبيقات وتأثيراتها المستقبلية، ما سرع التقدم التقني في الجهات الحكومية كافة، وأيضا القطاع الخاص. فكان التحدي الأبرز والأكبر الذي واجهه التحول الرقمي، استجابة المجتمع له في قطاعات حكومية مهمة. فمثلا، ما كان لوزارة التعليم أن تستمر في الدراسة عن بعد لولا وجود بنية رقمية تحتية قوية وراسخة وفرتها بكل جودة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا»، جعلت آلية التعليم متواصلة بشكل عادي رغم تعطل وإغلاق المدارس في معظم الدول حتى المتقدمة منها. كما قامت وزارة الصحة بعملها على الوجه الأكمل وقدمت خدماتها المختلفة باستثمار التقنية المتوافرة في المملكة على مستوى عال من الدقة والتنفيذ. كما لا ننسى كيف كانت منظومة سلاسل الإمدادات تسير بشكل مستمر، حيث تتدفق السلع بوفرة طبيعية في جميع الأسواق دون انقطاع، وهذا بفضل امتلاك المملكة بنية رقمية متطورة ومتكاملة. وهنا لا بد أن نقف عند ما ذكره ولي العهد، من جهود الدولة التي سبقت الجائحة لتصبح المملكة ضمن الدول العشر الأولى عالميا في سرعات الإنترنت المتنقل، وتضاعف عدد المنازل المرتبطة بشبكة الألياف الضوئية إلى 3.5 مليون منزل، الذي مكن عمليا من الاستمرار في الدراسة في جميع المراحل، لوجود هذه البنية التحتية الرقمية القوية، التي أسهمت في نجاح تنفيذ الخطة خلال أزمة الجائحة. كما استطاعت الأجهزة التشريعية، من العمل بشكل طبيعي، واستطاعت الأجهزة الرقابية من استخدام آخر التقنيات لتحقيق مهامها. وفي المجال الصحي، تمكنت وزارة الصحة بالتعاون مع وزارة الداخلية والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي من تحقيق الالتزام الكامل بالأوامر المنظمة أثناء فترة الحجر، مع تمكين الناس من قضاء احتياجاتهم والتسوق من خلال الإنترنت. كما تم تطوير التقنيات للمواعيد وفحوص كورونا المختلفة وصولا إلى التطعيمات وأخذ اللقاح، حيث كان لهذه الوزارة جهود مميزة. كل هذا جعل المملكة حديث العالم وبشهادة جهات دولية كثيرة، ومنها إشادة الاتحاد الدولي للاتصالات. هذه هي صورة المملكة التي يقودها ولي العهد، نحو القمة بهمة، ونحو مستقبل يجد فيه الشباب السعودي أرضا خصبة واعدة للإبداع والتقدم الحضاري. ولم تكن مدينة ذا لاين إلا صفحة جديدة من صفحات المستقبل التي نسبق بها العالم، وستنعم السعودية بقطاف ثمار التفكير الاستشرافي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي