Author

ذا لاين نموذج عالمي لمدن المستقبل

|
أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مشروع إنشاء مدينة "ذا لاين" ضمن مشروع نيوم العملاق، وتعد هذه المدينة الذكية ثورة حضرية، مدينة بلا سيارات: نعم، ستغير مفهوم المناطق الحضرية بالكامل، كونها تجعل المشي نمطا أساسيا للحياة، وخالية من الضوضاء والتلوث بأشكاله كافة، بل خالية من السيارات والشوارع، وتستقطب العقول والكفاءات والمواهب من داخل المملكة وخارجها، وتطبق معايير الاستدامة، لبناء اقتصاد معرفي يعتمد على مفهوم الاقتصاد الدائري، وذلك بخلاف المدن التقليدية المكتظة بالسيارات التي تعاني التلوث والضوضاء وعدم إمكانية التنقل مشيا.
وبحق، يعد مشروع هذه المدينة الذكية نموذجا عالميا مميزا لمدن المستقبل، سيسهم في إحداث ثورة حضرية على المستوى العالمي، سواء في إنشاء مدن مماثلة أو تحسين البيئات الحضرية في المدن القائمة من خلال التطبيقات التقنية المبتكرة واستخدام الذكاء الاصطناعي، لخدمة البنية التحتية في المدينة، بما فيها القطارات السريعة، الأمر الذي سيخفض تكلفة إنشاء البنية التحتية للمدن بنحو 30 في المائة، كما أشار الأمير في كلمته المبهرة عند إطلاق المشروع، وبذلك ستكون "ذا لاين" الأنقى والأنظف عالميا.
وتجدر الإشارة إلى أن مدن المستقبل أصبحت اهتماما عالميا، تعقد حولها الندوات والمؤتمرات، لتزايد التأثير السلبي للبيئة الحضرية في المدن التقليدية على صحة الإنسان الجسدية والنفسية، نتيجة انخفاض جودة الحياة بسبب المشكلات المعروفة مثل صعوبة التنقل وعدم القدرة على ممارسة رياضة المشي، إلى جانب التلوث، والضوضاء، وارتفاع معدلات الجريمة. ومما يزيد الاهتمام بمفهوم مدن المستقبل أن نحو 70 في المائة من سكان العالم سيعيشون في المدن بحلول 2050. وبالنظر إلى مدينة "ذا لاين" كنموذج للمدن الذكية، فإنها لا بد أن تقوم على عشر ركائز على الأقل، هي: (1) الحفاظ على البيئة الطبيعية بمكوناتها من كائنات وأشجار وموارد. (2) الإمداد بمصادر مياه نقية وبعيدة عن التلوث مع الاستفادة من مياه الأمطار والسيول. (3) تضع الإنسان أولا، أي أنسنة المدينة، والاعتماد على المشي بدلا من استخدام السيارة. (4) الاعتماد على الطاقة المتجددة بالكامل، فهي تستهلك قدرا من الطاقة وتنتج كمية مماثلة. (5) لا توجد مخلفات، فالمخلفات تستخدم كمصدر للطاقة إلى جانب استخدام مياه الصرف بعد تنقيتها للري أو حتى للاستخدام البشري. (6) يعتمد إنتاج الغذاء على مبدأ الاستدامة، بدءا بالإنتاج وانتهاء بالمخلفات، وذلك وفقا لمعايير صارمة في الإنتاج، مع التركيز على المحاصيل العضوية. (7) سهولة التحرك والتنقل داخل المدينة متاح للجميع وآمن ومريح وسريع بسبب الاعتماد على التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي. (8) تحظى الثقافة بمكوناتها المتنوعة باهتمام كبير، وفي مقدمتها الحفاظ على التراث، وكذلك الترفيه والفنون. (9) البنية التحتية مصممة لراحة الإنسان باستخدام التقنيات الحديثة التي تعد قلبها النابض لما توفره من حيوية وتطور مستمرين لتوفير حلول لمشكلات المستقبل، مع الحرص على جودة الموارد الطبيعية، كالماء والهواء، وتصميم المباني والمرافق بمعايير تضمن الفاعلية والاستدامة. (10) يقوم اقتصادها على معايير الاستدامة البيئية، ويعتمد على ما يعرف بالاقتصاد الدائري الذي يهدف إلى تقليل الهدر والنفايات والانبعاثات من خلال تعظيم الاستفادة من الموارد، ومن ثم تحويل مخلفاتها إلى منتجات جديدة، وعلاوة على ذلك يسمح نمط العمل في هذه المدن بمرونة أكثر نتيجة تبني الذكاء الاصطناعي والأتمتة. باختصار، ستسهم هذه المدينة في تحسين البيئات الحضرية في المدن القائمة، من خلال التقنيات والأساليب المبتكرة المستخدمة في معالجة المشكلات التي تواجه سكان المدن، ما سيحسن جودة الحياة في المدن عموما، والمدن السعودية خصوصا، وسيكون مشروع مدينة "ذا لاين" محفزا للبحث والابتكار بما يخدم مدن المستقبل، وقبل ذلك سيصبح نموذجا مشجعا لانتشار هذا المفهوم في العالم.
إنشرها