ظواهر اجتماعية بحاجة إلى أنظمة

كل المجتمعات البشرية تمر بظواهر تغير، إلا أن سرعة التغير، وحدته تعتمدان على مكونات، وعناصر عدة منها صلابة، ومتانة المجتمع في ثقافته، وإرثه، كما أن الحاجة إلى التغير تمثل عنصرا مهما، إذ إن اكتشاف المجتمع حاجته الماسة إلى التغير تسهم بشكل بارز في إحداث التغير.
فالمجتمع الذي يجد نفسه متخلفا في مجال الاقتصاد، أو العلم تسري في مفاصله قوة محركة نحو التغير للانتقال من الفقر إلى الغنى، ومن الجهل إلى العلم، والنور، ويضاف إلى ما سبق من عوامل قوة التغيير الوافدة التي تشبه العاصفة الهوجاء، حيث تزيل كل ما يكون في طريقها، حيث لا يمكن صدها، أو الوقوف في وجهها.
ظواهر التغير تلامس كثيرا من الأمور المادية، والإنسانية، فالمادية تتمثل في نوع المباني، وموادها على سبيل المثال لا الحصر شرفات المباني في البيوت في عقود مضت كما في مساكن حي الملز في الرياض، وكذلك في مدينة الخبر في أحيائها القديمة كانت ظاهرة اكتشف الناس مع الوقت عدم فائدتها من الناحية العملية، عدا الناحية الجمالية فوق مقاييس الثقافة العمرانية المحدودة في ذلك الوقت، ولذا يلاحظ المراقب شبه اختفاء الظاهرة الآن، تفاديا لتكاليفها، واستثمارا لكل الفراغات، بل إن ملاك البيوت القديمة اضطروا لإجراء تعديلات تلغي هذه الشرفات.
الظواهر في المجال البشري تتمثل في ما له علاقة بالسلوك، كاللباس، وقصات الشعر، والحلي، وأدوات الزينة بالنسبة للنساء، وهذه تتأثر بالموضة العالمية التي أصبحت تسري بسرعة عبر وسائط الإعلام التقليدي، والحديث، حيث سقطت الحدود، والموانع ليتعامل معها الكبير، والصغير، والمتعلم، وقليل العلم، لتشكل الموضة عامل جذب، وتأثير، خاصة لفئة الشباب، والمراهقين الذين بحكم المرحلة العمرية يعشقون الجديد لإثبات الذات، والمباهاة أمام الأقران، وزملاء العمل، والدراسة.
في الستينيات، والسبعينيات الميلادية من القرن الميلادي الفائت اجتاحت أمريكا، وأوروبا حركة الهيبز، المتمثلة في الخروج عن المألوف في اللباس، والمظهر الخارجي للشعر، أو ما يمكن إحداثه من تغييرات على الوجه أو طريقة الكلام، والمشي، والسلوك، وكأن من يقوم بهذا السلوك يعبر عن احتجاجه على وضع المجتمع، رغم أن أمريكا، وأوروبا كانتا تعيشان في تلك الفترة ازدهارا اقتصاديا، وثراء، ومستوى معيشة مرتفعا.
مجتمعنا ليس استثناء، فالطبيعة البشرية له تعرض فئات منه لملاحقة التغيرات، والظواهر التي توجد في العالم، خاصة مع سهولة انتقال الموضات، وهذا ما يشاهد في اللباس، وقصات الشعر، والميل لاقتناء الجديد مهما كان مفيدا، أو غير ذلك، أو غالي الثمن، أو رخيصا، طالما يحقق الاحتياجات النفسية التي تحدث لديه الرضا، والارتياح النفسي كما يعتقد.
اقتناء الحيوانات الأليفة، كالقطط ،والكلاب يمثل ظاهرة في بعض المجتمعات، وبالأخص في المجتمعات التي تفتقد التواصل الأسري الجيد، أو الأسر التي يقل بها الإنجاب، وثقافتها تعزز التباعد بين أفراد الأسرة الواحدة، أو لظروف الحياة، وضغوطها، أو للحاجة إليها ،إذ إن اقتناءها كان موجودا في حياة البادية، بشكل واضح في السابق لحماية الذات، أو المواشي، إلا أن ظروف حياة المدينة لم تعد تستوجب الاقتناء لتوافر الأمن، وتجنب التكاليف المترتبة من تغدية، وعناية صحية، إضافة لما يمكن أن يحدث من إيذاء للجيران، أو المارة، أو قذارة البيئة.
لاحظت، ولاحظ غيري أن مقتني الكلاب خاصة لا يأبهون بحقوق الجيران، أو من يمشون في الطرقات بغرض التريض، والفسحة، وبالأخص عندما يصطحب البعض كلبه، فمن يمارس رياضة المشي في حديقة، أو على رصيف يعترضه الكلب، أو يتخلص من قذارته على الرصيف، أو في الحديقة، والملاك يتجاهلون حق غيرهم في الاستمتاع بالمكان، إذ لا يزيلون المخلفات من الطريق، ولا يمنعون الحيوان من التحرش بالمارة، وكم شاهدت أطفالا يهربون مذعورين.
الأماكن العامة لها حرمتها، ومرتادوها لهم حقوقهم، ولذا أرى سن القوانين، والأنظمة التي تجبر ملاك الحيوانات على إزالة القاذورات من الطريق، وتدريب حيواناتهم على عدم التحرش، وإيذاء المارة، والمتفسحين، حتى يتحقق الهدف من إيجاد الحدائق العامة، وممرات المشي يلزم وضع غرامات مالية على المخالفين، ذلك أن ترك هذه الممارسات لا يسهم في تحقيق جودة الحياة التي هي من أهداف رؤية 2030. فهل نحافظ على ثقافة "إماطة الأذى عن الطريق صدقة"، ونحافظ على حقوق الآخرين بإلزام من لا يطبقها طواعية بلغة الأنظمة، والقوانين؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي