Author

«الملقوف»

|
لكل إنسان خصائص معينة وعادات يمتاز بها عن غيره، منها ما هو وراثي ومنها ما هو مكتسب، وقد تظهر بشكل واضح للناس فيلبسون ذلك الشخص تلك الخصيصة أو العادة، فيقال مثلا فلان كريم أو فلانة كريمة أو فلان أحمق وفلانة حمقاء وهكذا. ومن تلك العادات عادة - اللقافة - التي يطلق عليها في الثقافة العربية - التطفل - واشتهر بذلك بعض الشخصيات التاريخية في التراث العربي. يقابلك أحدهم في صباح جميل فيفجعك بلقافته "عسى ما شر شكلك تعبان؟"، فتتعوذ من الشيطان وتردد بينك وبين نفسك، "يا الله صباح خير، وش عليه مني هالملقوف". تجد إحداهن تسأل أخرى وربما بمسمع من الجميع "وراك أبطيتي ما تزوجتي؟"، وما علمت تلك الملقوفة أن الزواج قسمة ونصيب. وإن قدر لها الزواج فلن تلبث هي أو ملقوفة مثلها أن تسألها، "هاه ما هنا وليد ولا بنيه؟"، وهكذا تستمر اللقافة التي لا طائل من ورائها ولا يقوم بها إلا من هو بعيد عن الحكمة والروية:
أبت اللقافة أن تفارق أهلها
وأبى اللقيف أن يكون حكيما
إن من يمارس اللقافة يغفل عن قول الحبيب - صلى الله عليه وسلم - "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، وفي هذا إشارة واضحة في الحث على ترك الفضول والتدخل فيما لا يعني الإنسان، وكما أن العين ترتاح برؤية جمال الشخص وحسن هندامه وطيب رائحته، فكذلك الروح تأنس بالشخص العاقل الحكيم وتنفر من الشخص الملقوف. يروى عن لقمان الحكيم أنه سئل ما حكمتك؟ قال، لا أسأل عما كفيت ولا أتكلف ما لا يعنيني. ومن أمثال العرب، "من تدخل فيما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه"، وفي الآونة الأخيرة فتحت منصات التواصل الاجتماعي بابا واسعا "للملاقيف" ليتداولوا الأخبار وينشروها ليتضح بعد ذلك أنها أكاذيب لا أصل لها من الصحة. وشاعرنا الشعبي يقول:
يا كرهي للي حياته لقافه
يسألك عن هذا وهذا عشان ايش
يسألك بالله ليش هذا تعافه
وليش هذا ياخي ما تعشقه ليش؟
إن احترام خصوصيات الناس من أوجب الواجبات وهو أمر يحث عليه الشرع والعقل والمنطق.
إنشرها