Author

مؤشر وطني للتوطين القطاعي

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

تشير بيانات الهيئة العامة للإحصاء أن عدد سكان السعودية في منتصف عام 2019 بلغ 34 مليون حيث يعمل 10.4 مليون وافد في مقابل 3.1 مليون مواطن يعملون أمام الأجانب.
كثير من المؤشرات الاقتصادية لدينا تتراجع بسبب تسرب الأموال المباشرة كتحويلات الأجانب رواتبهم أو نتيجة التسرب النقدي غير المباشر كأموال الاتجار غير المشروع من أسواق الظل الداخلية والتستر التجاري وتتدفق خارج الحدود.
تؤدي مزاحمة الأجانب للسعوديين على الوظائف إلى تراجع متوسط مدخرات الأفراد السعوديين للطبقة المتوسطة وانخفاض معدل تملكهم للمساكن مع تنامي مصاعب تكوين أسر جديدة كما تسهم تلك المزاحمة الكثيفة إلى تلاشي منافع الإنفاق الحكومي السخي لتكوين رأس المال الادخاري أو الاستثماري للمواطنين وكل ذلك بدوره يؤدي إلى حرمان النظام المصرفي وأسواق المال من تلك الأموال التي يمكن أن تولد موجات جديدة من الائتمان - قروض - والاستثمار.
اليوم في المقال لست بصدد كشف مخاطر وجود قوة عمل أجنبية تقدر بـ 48 في المائة من إجمالي تعداد المواطنين غير أننا من خلال البيانات يمكننا صناعة مؤشرات قيادية للتوطين تؤدي إلى تجيير نسبة من وظائف الأجانب إلى رصيد وظائف السعوديين.
في الماضي كان من الصعب تعقب بيانات البطالة والتوظيف بشكل دقيق، إلا أن مع التقدم التقني وتوافر بيانات الأجور والمرتبات مع مؤسسة التأمينات ومعاشات التقاعد وبيانات إعانات البطالة وبيانات برنامج الحماية من التعطل - ساند - وبيانات الجامعات والمعاهد ورخص العمل وغيرها من أنظمة التقنية، لذا علينا الاستفادة من البيانات في تكوين تيار تدفق بيانات على أساس شهري أو أسبوعي أو حتى لحظي أحيانا وتحويل تلك الأرقام والبيانات إلى مؤشرات قيادية تستهدف رفع نسبة التوطين وتحسين مستهدفات اقتصادية أخرى.
ثم إنه بطبيعة الحال لم يعد كافيا فهم وجمع الأرقام أو البيانات لكن يتعين علينا عكسها وتحويلها إلى أدوات تصنع قرارات صلبة ومستدامة، ولهذه الأسباب أرى أهمية قصوى للاستفادة من البيانات في تصميم مؤشر وطني باسم "المؤشر الوطني للتوطين القطاعي"، يستهدف إظهار نسبة التوطين للقطاعات بشكل شهري وما الجهات المولدة لوظائف السعوديين وما الجهات أو الشركات الخاصة أو المساهمة أو الحكومية الأعلى في نسب التوطين كما يمكننا مراقبة معدلات تكوين الرؤساء التنفيذيين السعوديين ونسب القيادات السعودية في كل قطاع.
إن إعادة النظر في منهج التوطين وأساليب القياس على أساس قطاعي سيساعدنا لاحقا على تصميم سياسات تحفيزية واحتوائية أو أي سياسات اقتصادية واستثمارية أو اجتماعية أو تعليمية لأغراض التخطيط الاقتصادي.
أخيرا: علينا في أوج هذه الإصلاحات التي تقوم بها حكومة خادم الحرمين الشريفين ألا نهدر أي فرصة للاستفادة من تلك الجهود لتوظيف شبابنا ومواصلة تحقيق المستهدفات الاستراتيجية وفق أدوات ومنهجيات تحقق التوازن بين قوى العمل الأجنبية التي نحتاج إليها وتمكين المواطنين من الوظائف التي ينتجها اقتصادنا بكثافة.
إنشرها