Author

لماذا اقتصادنا يوظف الأجانب؟

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

اقتصادنا لا يتمتع بعمالة أولية وطنية للعمل في الأسواق. عند فحص الجانب التاريخي لتشكل قوة العمل في اقتصادنا، نجدها مرت بفترات طويلة من توظيف الأجانب، أدت في نهاية المطاف إلى نشوء سوق عمل أجنبية تزاحم المواطنين على وظائف أنتجها الاستثمار الوطني، سواء لوظائف ذات أجر منخفض أوعال، وفي الوقت ذاته تحولت تفضيلات رجال الأعمال إلى الوافدين لأسباب تتعلق بالأجور المنخفضة والتحكم التعاقدي على مستوى شروط العمل والكفالة شبه الكلية، التي تم تصحيحها أخيرا من خلال تحسين العلاقة التعاقدية من وزارة الموارد البشرية وتعد من أهم إنجازات إصلاح سوق العمل.
عند تحليل تركيبة قوة العمل الكلية من مواطنين وأجانب في القطاعين العام والخاص، بمن في ذلك العمالة المنزلية، نكتشف أن نسبة الأجانب العاملين في اقتصادنا بلغت 76.7 في المائة من إجمالي المشتغلين البالغ عددهم 13.6 مليون، أي 10.4مليون أجنبي مقابل ثلاثة ملايين سعودي، أما عند استبعاد العمالة المنزلية من إجمالي المشتغلين فستظل نسبة الأجانب مرتفعة عند 68 في المائة، أي 6.7 مليون أجنبي، بحسب بيانات سوق العمل للربع الثاني من عام 2020.
على أي حال، علينا استيعاب الفوائد الكبيرة للعمالة الذين يتمتعون إلى حد كبير بحصة متناسقة مع شكل هيكلنا الاقتصادي الذي تشكل عبر عقود من الزمن من الإنفاقين الاستهلاكي والرأسمالي الحكومي مع غياب واضح للاستثمارات المولدة للأرباح من النقد الأجنبي، ولا سيما أن اقتصادنا الداخلي يعتمد في أساسه على الحكومة، أما في مجالي التجارة والاستثمار فيعتمد على الاستيراد. ولهذه الأسباب، كان التأثير واضحا للتجارة والإنشاءات والخدمات في زيادة عدد الأجانب، إضافة إلى تنامي معدلات العمالة المنزلية.
باختصار، هناك عديد من الطرق التي تؤدي إلى تكوين حالات توازن ومواءمة بين السياسات الاقتصادية لتوظيف المواطنين وواقع سوق العمل وطبيعة هيكلنا الاقتصادي.
أولا: علينا تعديل هيكل الأسواق الداخلية إذا ما أردنا تعديل ميزان قوى العمل لحساب المواطنين دون التأثير في النمو الاقتصادي والتحول الاستراتيجي للاقتصاد، ولا سيما في قطاعات التجزئة والخدمات والإنشاءات ووضع مؤشرات قياس قيادية على مجموعات المهن الرئيسة بحسب تصنيف هيئة الإحصاء لخفض عدد الأجانب.
ثانيا: نحتاج إلى وضع مؤشرات قيادية وطنية لقياس معدلات ونسب السعودة في القطاعات والشركات المساهمة، ولعل تجربة مؤسسة النقد سابقا تستحق الاستنساخ، فالمؤسسة هي من استهدفت توطين وتشكيل الوظائف في المصارف التي أصحبت من أنجح التجارب، وبتلك المنهجية نفسها يمكننا إسناد سعودة القطاعات ومراقبة مؤشرات السعودة إلى الهيئات الحكومية المشرفة على كل قطاع بشكل مستقل.
ثالثا: نحن بحاجة إلى مركز مستقل مختص بتصنيف وإدارة الوظائف التي ينتجها الاقتصاد في القطاعين العام والخاص، ويراقب أيضا الوظائف التي تتاح للسعوديين خارجيا وفي المنظمات الدولية، كما يمكن إسناد متابعة معدل توليد الرؤساء التنفيذيين في أسواقنا إلى هذا المركز.
إنشرها