Author

الثقة مقياس نجاح المنظمة

|
مقياس نجاح المنظمات، أو المنشآت يتمثل في قدرتها على تحقيق الأهداف المرسومة لها وفق الشروط، والمواصفات المعتبرة في المجال الذي تعمل فيه المنظمة، وبأعلى معايير الجودة، وفي الوقت المحدد، وبالتكاليف، كما يقاس النجاح في تحقيق الأهداف باتباع الأنظمة، واللوائح، إضافة إلى عمل منسوبيها بروح الفريق الواحد دون مشكلات، وخلافات بينهم، وأس النجاح في نظري يقوم بغرس الثقة بين المنسوبين من أعلى الهرم إلى قاعدته، وسيادة الاحترام، والتفاهم فيما بينهم.
وحري بقائد المنظمة أن يبذل جهده في إيجاد الظروف المساعدة لزرع الثقة، وتأصيلها بينه وبين العاملين معه، وبين العاملين أنفسهم، لكن يا ترى ماذا نقصد بالثقة؟ المعنى المقصود هو شعور الاطمئنان الذي يوجد لدى الأطراف كافة، دون ريبة أو شك لأي سبب من الأسباب، حيث يؤدي الجميع أدواره، والأعمال الموكلة لهم، دون شك في عدم توافر القدرة على الإنجاز، ودون خوف من إمكانية التحايل، والتلاعب من قبل أحد العاملين، أو بعضهم.
الثقة إذا ما سادت في المنظمة تظهر آثارها في سلوك قائد المنظمة، وسلوك منسوبي منظمته، فسلوك الريبة الذي يظهر على القائد في تتبعه، أو المساءلة والتحقيق مع من يعمل معه، دون سبب، وإنما لشك، ليس له ما يبرره، وإنما مجرد توهمات تراوده حتى يصل به الأمر إلى التلصص عليهم في مقار عملهم، أو إيكال المهمة لزميل من زملائهم ينقل له أخبارا غير صحيحة يتقرب بها إليه.
مما يحقق الثقة بالمنظمة إعطاء العاملين حرية إنجاز العمل بالصورة التي يرونها مناسبة، طالما أن ذلك لا يؤثر في المخرجات، ولا يترتب على ذلك تكلفة مادية إضافية، ويتحقق الهدف بما لا يتعارض مع الأنظمة، والقيم المجتمعية، كما أن تحقق مبدأ العدل في المعاملة للعاملين له دوره الأساس في صنع الثقة بقائد المنظمة، أما لو شعر العاملون، أو بعضهم بالتمييز، وعدم التقدير للجهود، فإن هذا سيكون سببا لإيجاد حالة من التوجس، وعدم الاطمئنان عند من تتم معاملتهم بهذا الأسلوب.
تتحقق الثقة داخل المنظمة عندما يحترم قائدها كلمته، ووعوده لمرؤوسيه، لكن متى ما حسوا بالتناقض بين الأقوال والأفعال، فسيكون ذلك سببا في أجواء من عدم الثقة، ومن ثم اهتزاز صورة القائد، ما يصعب معه إعادة رسم الصورة الجميلة مرة أخرى. ولعل من أهم وأخطر ما يوجد عدم الثقة وجود أشخاص في بعض المنظمات يمارسون النميمة، حيث ينقلون للمدير أخبارا كاذبة من أن فلانا يقول فيك كذا، أو يفعل كذا للإضرار بك وتشويه سمعتك والإضرار بالمنظمة، وهذا كفيل بإفساد جو التناغم، والثقة الذي تحقق في فترة ما.
إطلاق الشائعات الكاذبة بشأن مستقبل قائد المنظمة من أنه سينتقل، أو سيستقيل، أو أنه يرتشي، أو يسخر إمكانات المنظمة لمصلحته الشخصية، أو مصلحة أقاربه يمثل أحد عوامل نزع الثقة بقائدها، والأخطر من ذلك بث شائعات أن المنظمة بكاملها على المحك، فلو سرت شائعة من أن المنظمة ستلغى بكاملها، أو ستتقلص أنشطتها، وتحجم ميزانيتها سيكون هذا سببا في إحداث عدم الثقة بالمنظمة بكاملها، ما يترتب عليه محاولة العاملين الانتقال إلى جهات أخرى تفاديا للأضرار المحتملة من جراء الاستمرار فيها، ولو لم يقدر لهم الانتقال سيفقدون الدافعية للعمل. شفافية القائد مع مرؤوسيه، والوضوح معهم، وتجنب الرسائل، والإيحاءات المبهمة، واتباع سياسة المشورة، والأخذ بالرأي تمثل خطوة جوهرية في بناء الثقة، وتقويتها في بيئة العمل، بدلا من ترك الأمور للتخرصات، والإشاعات المدمرة.
إن إشاعة روح العمل الجماعي، والتعاون، والصدق، والإخلاص، والاحتكام للأنظمة، والقوانين، وتفويض الصلاحيات للمرؤوسين، والشعور بالأهمية داخل المنظمة، وتوافر المعلومات، والبيانات اللازمة للعمل، كلها عوامل تسهم في إيجاد مناخ طبيعي يزيد من مستوى الثقة.
إنشرها