Author

البيانات ودقة التخطيط

|
تعمل دول كثيرة على توظيف المعلومات، والبيانات المتوافرة لديها، أو في مصادر خارجها لرسم خططها، ومشاريعها التنموية على افتراض صحة البيانات الحالية، وثباتها، أو على الأقل ثباتها النسبي، وهذا أمر ضروري لنجاح أي عملية تنفيذ لخطة تنموية، إلا أن ما يغفل عنه بعض المخططين، وراسمي السياسات أن المتغيرات ليست بالنسبة نفسها من التغير، والتحكم فيها، فالنمو السكاني على سبيل المثال من الممكن التنبؤ به، وذلك من خلال توفير معلومات عن المواليد، والوفيات، ومتوسط الأعمار، كما أن فرصة التحكم بالزيادة السكانية أكبر في الدول الشمولية التي تتدخل في تحديد المواليد لكل عائلة من خلال سن القوانين وفرضها، أو نشر ثقافة تحديد النسل بحجج اقتصادية، أو صحية، وهذا ما تعانيه بعض الدول الأوروبية، حيث شاخت، وقل شبابها حتى اضطرت لفتح باب الهجرة على مصراعيه لضمان عدم تأثر اقتصادها.
على ضوء دقة التخطيط المبني على معلومات صحيحة يكون التنفيذ لما يترتب على النمو السكاني السريع أو البطيء، إذ يمكن معرفة كم من المدارس، أو الجامعات نحتاج على مستوى الوطن بكامله، أو على مستوى منطقة، أو مدينة، أو قرية قد تتحول إلى مدينة في غضون أعوام معدودة، نتيجة اكتشاف مورد اقتصادي قوي فيها ما يزيد من الهجرة السكانية إليها، وما ينطبق على التعليم ينطبق على الخدمات الصحية بمختلف مستوياتها، من مراكز صحية، أو مستشفيات عامة، أو مستشفيات مختصة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك التوسع في افتتاح الجامعات خلال الأعوام الماضية، حين اكتشفت الحكومة ضرورة التوسع لتشمل المدن، والمحافظات لتلبية الطلب على التعليم الجامعي، وتأهيل أبناء الوطن ليقوموا بأدوارهم في المجالات المختلفة.
صحة البيانات ودقتها، تفيد في الأخذ في الحسبان مشاريع البنية التحتية كالكهرباء والمياه، والصرف الصحي، وتصريف السيول، بناء على توقعات توسع المدن السريع والكبير، أو البطيء، والمحدود، ولنا في مدينة الرياض خير مثال في توسعها السريع والكبير، حيث تضاعفت عشرات المرات في فترة وجيزة.
المخططون، وراسمو السياسات التنموية يواجهون معضلة عدم الدقة في التنبؤ، وهذا يعود إلى قلة المعلومات، أو عدم صحتها، وصعوبة التحكم في المتغيرات، خاصة المتغيرات ذات الصبغة العالمية التي تخضع لمتغيرات، ليس في مقدور الدولة المنتجة للسلعة التحكم فيها، إذ قد تكون السلعة يتأثر سعرها بظروف الطقس من برودة شديدة، وحرارة، أو أعاصير تؤثر في الملاحة الجوية، وهذا ينطبق على البترول، حيث يصعب التنبؤ الدقيق في سعره لخضوعه لمتغيرات تؤثر في العرض والطلب المتأثر بالمخزون، أو زيادة الإنتاج الناجم عن التنافس بين الدول المنتجة، مع إمكانية التحكم إلى حد ما بالسعر من خلال التفاهم، والالتزام من قبل الدول المنتجة، كما حصل من قبل دول "أوبك" حين اتفقت على حصص يجب الالتزام بها من الدول الأعضاء.
سعر غاز الوقود الذي تنتجه روسيا وتصدره لأوروبا، يتأخر الإمداد بالعلاقات السياسية، كما حدث قبل أعوام حين توترت العلاقات بين روسيا وأوكرانيا، إذ تأثرت الإمدادات، خاصة في فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، ولذا فالاستعداد المبكر، وتخزين الغاز قبل موسمه يكون تخطيطا سليما يجنب الدول المحتاجة إليه ابتزاز الدول المنتجة، أو تعطل الإمداد نتيجة انفجار خطوط النقل لأي سبب من الأسباب. ومع الآثار المترتبة على كوفيد - 19 وجد كثير من الدول نفسها مضطرة لضخ أموال ضخمة في قنوات الاقتصاد الذي تأثر بفعل الجائحة، وذلك بالسحب من احتياطياتها.
مع اقتراب نقل لقاحات كوفيد - 19 يتحدث مسؤولو الشحن في الدول المنتجة للقاح عن الاستعداد المبكر في المطارات في مخازن مبردة تتناسب مع درجة حرارة مناسبة للقاح، حيث يشير مسؤولو مطار فرانكفورت في ألمانيا استعدادهم لهذه المرحلة منذ شهر أغسطس، حيث يعمل الموظفون في مراكز الشحن على مدار الساعة تلافيا لأي أحداث طارئة قد تعيق عمليات الشحن والإمداد.
إنشرها