Author

قصة مدينتين تنعشان الاقتصاد الصيني «2 من 2»

|
في الـ 30 عاما الأخيرة أدى النمو في منطقة بودونج الصينية الجديدة، إلى تعزيز التفوق الإقليمي لشنغهاي، بينما دفع أيضا التنمية في دلتا نهر اليانجتسي، التي أصبحت متكاملة بشكل متزايد. اليوم، يمثل الحزام الاقتصادي لنهر اليانجتسي أكثر من 46 في المائة من إجمالي الناتج الاقتصادي للصين. كما تشكل هذه المنطقة إلى جانب منطقة الخليج الكبرى نحو 60 في المائة من إجمالي ناتج الصين.
لذا، يلعب كل من شنغهاي وشنتشن دورا حاسما فيما يتعلق بمستقبل الصين الاقتصادي. لكن لا تزيد أهمية إحداهما على الأخرى، فلكل منهما دور فريد تؤديه.
لطالما كانت شنغهاي رائدة في تصنيع المعدات، باعتبارها اللاعب الأكثر نضجا وتطورا. ومع ذلك، يظل هيكلها الاقتصادي بعيدا كل البعد عن الجمود حيث يجري الآن تحويل المدينة إلى محور مركزي للبحث والتطوير ومركز للتجارة والتمويل والخدمات الحديثة.
من جانبها، تسير شنتشن في طريقها لكي تصبح وادي السيليكون الصيني. في الـ 20 عاما الأخيرة، تفوقت هذه المدينة النابضة بالحياة على شنغهاي في مجال تطوير التكنولوجيا المادية، حيث تضم عشرات الشركات المشهورة عالميا بما في ذلك: هواوي، وتينسنت، وبينج آن، ودي جي آي، وبي واي دي، وإس إف إكسبرس.
مما لا شك فيه أن شنغهاي لا تزال تحتل المرتبة الأولى من حيث القدرات التكنولوجية عموما. لكن بدلا من أن تحل محل شنغهاي في المجالات التي تقودها، أصبحت شنتشن بمنزلة مختبر للتجريب، ليس فقط فيما يخص التكنولوجيا، بل فيما يخص السياسات التي تحفز الابتكار وتسهله. لا يمكن أن تلعب شنغهاي هذا الدور، حيث يجب أن تستمر في العمل باعتبارها بيئة يمكن التنبؤ بها للتجارة والتمويل العالميين.
بطبيعة الحال، يظل توجيه تنمية اقتصاد كبير ومتنوع كاقتصاد الصين الذي يصنف في المرتبة الثانية عالميا تحديا صعبا دائما. لكن من خلال الاعتراف بنقاط القوة في المدن والمناطق الرائدة والاستثمار فيها، طورت الصين آلية قوية لتنظيم وتعزيز تحولها الاقتصادي إلى وضع متقدم ومتطور من كل فترة إلى أخرى حيث قفز الاقتصاد الصيني قفزة كبيرة إذا قارناه منذ بداية انطلاقه في بداية الثمانينيات. وبالنظر إلى النجاح الهائل الذي حققته شنتشن وشنغهاي، يبدو من الواضح أن الصين ستستمر في جني ثمار هذا النهج لعقود مقبلة وبشكل أكبر ما يدعم مؤشرات النمو في اقتصادها ويجعله أكثر قوة وتنافسا والأقوى عالميا.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2020.
إنشرها