Author

المناسبات والنشاط الاقتصادي

|
في كل المجتمعات، والأوطان توجد مناسبات، وأعياد، إما أن تكون ذات طابع وطني، كيوم الاستقلال، أو الوحدة، أو يوم النصر في حرب مهمة مع عدو، كما أن المناسبة، أو العيد قد تكون ذات طابع ديني، كما في سائر المجتمعات، سواء المعتنقة للأديان السماوية، أو تلك التي تعتنق البوذية، أو الهندوسية، والسيخية وغيرها من المعتقدات. في جولة على ثقافة بعض المجتمعات تبين لي أن اليابان لديها 15 عيدا يمنح فيها الموظفون إجازات، وأهمها عيد رأس السنة، والأسبوع الذهبي، والأسبوع الفضي، وعيد التأسيس الوطني، وعيد البلوغ، وعيد الدستور، وعيد الربيع، وعيد الإمبراطور شووا، وعيد البحر، وعيد الجبل، ويوم العمل، ويوم الثقافة، ويوم احترام المسنين، ويوم الرياضة، وغيرها من الأعياد.
في بريطانيا توجد أيام عطل وإجازات ذات مرجعية وطنية ودينية، أولها رأس السنة الميلادية، ويوم الجمعة العظيمة، أو جمعة الآلام، وعيد الفصح، وعيد العمال، والإجازة المصرفية، وعيد الميلاد، وعطلة الربيع، أما في أمريكا فأهم الأعياد والمناسبات تتمثل في عيد الميلاد، وإجازة رأس السنة، ويوم مارتن لوثر كنج، وعيد ميلاد واشنطن، وعيد الشكر، ويوم الهلوين، أو التنكر، ويوم الاستقلال الذي يصادف الرابع من تموز (يوليو)، ويوم الذكرى لتكريم الجنود، وعيد العمال، وعيد كولومبوس الذي يدعى اكتشافه لأمريكا، رغم أن الدراسات التاريخية أثبتت عدم صحة ذلك.
في العالمين العربي والإسلامي أشهر المناسبات والأعياد، إما ذات طابع وطني كيوم الوحدة، كما في المملكة حين تم توحيدها في كيان واحد، أو كما في بعض الدول العربية كيوم الاستقلال من الاستعمار، أما المناسبات الدينية فتتمثل في عيدي الأضحى والفطر، كما توجد أعياد تخص الأقليات، مثل العيد القبطي، وعيد الميلاد، وشم النسيم، كما في مصر.
ليس هدف المقال التعريف بالمناسبات فقط، بل تناول الشق الاقتصادي لهذه المناسبات التي تحرك الأسواق حسب طبيعة المناسبة، وما يصاحبها من أنشطة مما يميز المناسبات عن بعضها.
في المناسبات الوطنية يكون الإقبال على الأعلام، وصور الزعماء، والقادة ذوي التاريخ المؤثر في مسيرة الوطن، إضافة إلى أي منتجات ذات علاقة برمزية الوطن، وتميزه لتشكل ذكرى تتم المحافظة عليها لما لها من دور في غرس المشاعر الإيجابية، والانتماء القوي للوطن لدى أبنائه.
تحرص الشركات، والمصانع على توفير المنتج المناسب للظرف، ففي عيد الميلاد تتوافر شجرة الميلاد، والدمى، إضافة إلى بعض الهدايا، ذات العلاقة بالمناسبة، كالأكواب المرسوم عليها صورة عيسى، ووالدته مريم عليهما السلام.
في العالم الإسلامي تمثل مناسبتا عيدي الفطر، والأضحى فرصة كبيرة لكثير من البضائع، والمنتجات، حيث الإقبال على الملابس، والحلي، والألعاب النارية للتعبير عن الفرح، إضافة إلى هدايا الأطفال المتمثلة في الحلويات، والألعاب، إلا أن عيد الأضحى يتميز في كونه فرصة سانحة لمربي ومستوردي المواشي، حيث شعيرة الهدي للحاج والأضاحي.
يوم الأم، ويوم الأب، ويوم الحب التي وجدت في بعض المجتمعات لكنها عبرت الحدود إلى مجتمعات أخرى، حسب مناسبة، ومناعة المجتمعات نحو هذه المناسبات الوافدة، كما أن مما يلفت الانتباه في الأعياد ما يعرف بيوم العزاب، ويأتي الاهتمام به نظرا لوجود شريحة سكانية في كثير من المجتمعات يعزفون عن الزواج، حتى تحول إلى موسم اقتصادي يدر كثيرا من الأرباح لجهات الإنتاج حتى إنه خلال العشرة أيام الأولى من تشرين الثاني (نوفمبر) بلغت مبيعات شركة علي بابا في الصين 56 مليار دولار، وهي عبارة عن مشتريات لأغراض، واحتياجات منزلية، كثلاجات، وأفران، ومكانس، وأوان، وغيرها من المستلزمات.
الأنشطة الاقتصادية تتناسب مع جميع الأحوال، والظروف الإيجابية، والسلبية، ففي الأوقات الاعتيادية في موسم المدارس يزيد الطلب على المستلزمات المدرسية والكتب، والمذكرات والدروس الخاصة، لكن الأمر يختلف في نوع البضائع، فعندما حدثت جائحة كوفيد - 19 وأصبح التعلم عن بعد، زاد الطلب على أجهزة الحاسب الآلي والتقنيات ذات العلاقة، إضافة إلى المعقمات والكمامات وأدوية وأغذية رفع المناعة، أما ونحن على أبواب الشتاء، فالملابس الشتوية وأجهزة التدفئة هي ما يبحث عنه المتسوقون.
الأسواق بين هبوط وارتفاع، وصدق الله: (وتلك الأيام نداولها بين الناس)، في نهاية الأسبوع والعطل تكثر الزواجات والتجمعات في الأيام الاعتيادية، ما ينشط الأسواق في بعض المجالات، ولذا نجد العاملين في هذه المجالات يخططون ويستعدون لهذه المناسبات سعيا لكسب شيء من الكيكة.
إنشرها