عائق الخبرة في التوطين

بحث مدير إحدى الشركات عن محاسب سعودي لديه خبرة معقولة ولغته الإنجليزية جيدة. سأل هنا وهناك واستنجد بآخرين ولم يجد سوى طلب توظيف وحيد تنطبق عليه الشروط، لكن صاحب هذا الطلب يعول أسرة كبيرة نسبيا، وهذا سيزيد من تكلفته بصورة ثقيلة مع وضع التأمين الطبي في الحسبان. وبعد تأمل قام بالإعلان عن الوظيفة، فحصل على أكثر من 40 طلب توظيف لمتخرجين حديثا من شباب وشابات بعضهم مع مرتبة الشرف، والمشكلة أنهم بلا خبرة! وبين هذه وتلك تكمن واحدة من عقبات التوطين، وهي عقبة تدفع بصاحب العمل إلى الخيار "الجاهز"، الاستقدام أو نقل كفالة محاسب غير سعودي.
لكن كيف لمتخرج حديثا الحصول على خبرة مع ندرة توفر الوظائف؟.
من الـ40 الذين أرسلوا سيرهم الذاتية، من تخرج قبل عام أو عامين، هذا في تخصص مهم ومطلوب من القطاع الخاص مثل المحاسبة، وإذا لم تتوافر لهؤلاء الخبرة، سيظلون في قائمة الانتظار أو يقبلون بوظائف أخرى أقل من طموحاتهم أو مما يستحقون حسب الشهادة.
يمكن القياس على تخصصات أخرى لن تتوافر الخبرات للحاصلين عليها مع عدم توافر الفرص، ما يؤدي إلى مزيد من أرقام البطالة بين مطرقة الخبرة وسندان ارتفاع تكلفة الموظف صاحب الخبرة، وهو ما يستلزم التفكير في حلول وعدم ترك هذه الفجوة للعرض والطلب فقط دون تدخل. وفيما يتعلق بتوافر فرص الحصول على الخبرة، يمكن لوزارة الموارد البشرية التنسيق مع وزارة التجارة والهيئات المتخصصة، مثل هيئة المحاسبين والمحامين، وغيرهما، لفتح أبواب للمتخرجين حديثا للحصول على الخبر دون استغلال لحاجة هؤلاء الشباب والشابات، بل باستثمار طاقاتهم وتطلعاتهم للعمل الميداني والتعلم منه. ولا أدعو هنا إلى دعم مادي مباشر، لأن التجربة في التوظيف بهذه الصورة من خلال دعم الصندوق تم استغلالها من البعض - كما هو معروف - لكن يمكن احتسابها من ضمن المسؤولية الاجتماعية للشركات الكبرى، خاصة تلك التي للحكومة ملكية فيها، فهي أكثر استقرارا وأقل احتمالا في التكسب من برامج مماثلة.
أما صاحب الخبرة، الذي أصبح مكلفا لكل من يريد توظيفه وصار تفضيله أقل مع أسرة كبيرة مسؤول عنها ليصبح على قائمة الباحثين عن عمل لوقت قد يطول، فلا بد من البحث عن حلول، فمن المتوقع أن تزداد هذه الفئة، خاصة بعد الضغوط الشديدة للجائحة على القطاع الخاص وتقلص أعماله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي