حماية البيئة واعتلال الصحة «2 من 2»

قد تعلمنا أنه لا يوجد حل واحد يناسب الجميع، وأن فهم السياق المحلي للطهي مهم في العثور على أدنى تكلفة وأفضل نهج مناسب. إن جعل عملية الطهي حديثة وإيجاد الحل المناسب ينطويان على النظر إلى نظام التفاعلات بأكمله، بدءا من تجربة المستخدمين في الطهي ماذا وكيف يطبخون، وظروف سكنهم - موقع المطبخ، وحجم الغرف، ومواد البناء، والتهوية -، والأسواق والنظام البيئي للطاقة في بلدهم.
واسمحوا لي أن أشاطركم تجربة من إندونيسيا، من فترة عملي وزيرة للتجارة. فقد نجحت إندونيسيا في تنفيذ برنامج تحويل الكيروسين إلى غاز البترول المسال بنجاح في الطهي بين عامي 2007 و2012. وفي إطار برنامج دعم الوقود وإصلاح الطاقة، استثمرت الحكومة في البنية التحتية لغاز البروبان المسال، بما في ذلك تصنيع حاويات غاز البترول المسال الأصغر حجما، إلى جانب حملات التوعية وإعانات الدعم للمستهلكين الفقراء المستهدفين. ونتيجة لذلك، أصبح لدى 50 مليون أسرة إمكانية الطهي باستخدام غاز البترول المسال في غضون خمسة أعوام فقط، ولم يعد أشخاص مثل جدتي الراحلة مضطرين للجلوس أمام مواقد الكيروسين. وسيقدم صندوق الطهي النظيف، الذي تم تشكيله عام 2019 بتمويل مستهدف يبلغ 500 مليون دولار على مدى خمسة أعوام، منحا مستندة إلى النتائج للاستفادة من موارد التمويل العام والخاص، وتحفيز التكنولوجيا والابتكارات التجارية، وتحسين القدرة على تحمل التكلفة وتنمية الأسواق. واجتذب سريعا المساندة من الجهات المانحة والقطاع الخاص والحكومات، وأعد قائمة مشاريع في دول، من بينها رواندا وأوغندا وغانا ونيبال وميانمار. وتبلغ تكلفة هذه المشاريع الأولية أكثر من 100 مليون دولار من التمويل المشترك من الصندوق، مع تقديم البنك الدولي مبلغا مماثلا على الأقل.
ويعمل البنك الدولي أيضا على توسيع الشراكات المعنية لحشد توافق متزايد في الآراء بشأن أهمية الطهي النظيف وجعله أولوية على الصعيدين العالمي والقطري. وتهدف هذه الشراكات إلى تطوير تكنولوجيات ونماذج أعمال وآليات تمويل تمكن من إيجاد حلول ميسورة التكلفة. وهي تجمع بين الحوار رفيع المستوى بشأن السياسات من خلال منهاج العمل المتعلق بالصحة والطاقة الذي تم تدشينه أخيرا، ومبادرة مجموعة العشرين بشأن الطهي النظيف والحصول على الطاقة، وبين البحوث والابتكار من خلال برنامج خدمات الطهي الحديثة للطاقة وتحالف الطهي النظيف. كما تلعب منظمات المجتمع المدني دورا مهما في إشراك الجمهور والأسرة في التوعية بهذه القضية والدعوة إلى إيجاد حلول أفضل. عندما نتحدث عن فرصة لتحقيق انتعاش أكثر استدامة، وبصرف النظر عن استخدام التحفيز لبناء البنية التحتية المرعية للبيئة، ينبغي أن نعد الطهي النظيف خدمة أساسية وجزءا حاسما من الاستجابة لمكافحة الجائحة.
فخطط التعافي من الجائحة هي فرصة لدمج تخطيط الطاقة ومعالجة تحديات الطهي النظيف. كما يمكنها دعم الشركات المعرضة للخطر التي تعزز حلول الطهي النظيف وتساعد على منع الأسر التي تحولت إلى التكنولوجيات الحديثة من التراجع عنها. ومع تعافي العالم من الأزمة، سيكون الطهي النظيف عنصرا مهما في مسار التنمية المراعية للبيئة منخفضة الكربون، فضلا عن أنه مفتاح لتحقيق أهداف المناخ والوصول إلى الطاقة. لقد حان الوقت لجعله أولوية في مجال السياسة العامة واستغلال الفرص المتاحة في خطط الإنعاش لتنظيم التمويل اللازم والشراكات متعددة القطاعات. ويمكننا أن نغتنم هذه الفرصة بشكل جماعي من خلال توفير إمكانية الحصول على الطاقة الحديثة للطهي من أجل أربعة مليارات نسمة لا يستطيعون الوصول إليها، وتحقيق الفائدة الإنمائية الثلاثية، وهي: حماية البيئة، والمساواة بين الجنسين، والصحة الجيدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي