FINANCIAL TIMES

كوفيد - 19 .. المسنون في دور الرعاية الفرنسية تركوا لمصيرهم

كوفيد - 19 .. المسنون في دور الرعاية الفرنسية تركوا لمصيرهم

كوفيد - 19 .. المسنون في دور الرعاية الفرنسية تركوا لمصيرهم

عندما زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحد منازل كبار السن في باريس في 6 آذار (مارس)، كانت لديه رسالة عامة عاجلة يريد إيصالها: علينا حماية الضعفاء من فيروس كورونا.
قال: "أعلم أن هذا أحيانا يفطر القلب، لكن يجب أن نبذل قصارى جهدنا لتجنب زيارة كبار السن لدينا".
وتحدث عن النظافة وحذر من الملامسة الجسدية، لكن لا الزوار ولا المقيمون في الدار ولا الموظفون كانوا يرتدون الكمامات، التي لم تكن سياسة رسمية حتى ذلك الحين. في ذلك الوقت، سجلت فرنسا رسميا تسع حالات وفاة فقط من كوفيد - 19، بما في ذلك أول حالة وفاة تم الإعلان عنها في أوروبا، لسائح صيني يبلغ من العمر 80 عاما من مقاطعة هوبي.
كان ماكرون يعلم أن كبار السن هم أكثر عرضة للخطر من الشباب، لكن لا هو ولا مسؤولو الصحة ومقدمو الرعاية من حوله كانوا يعلمون شيئا يذكر عن الكارثة التي كانت تجتاح في ذلك الحين دور الرعاية في فرنسا وعبر القارة. في غضون أسابيع، سيموت الآلاف. تقول تاتيانا دوبوك (35 عاما) مقدمة رعاية وممثلة نقابية لمجموعة من ست دور للرعاية العامة في ميناء لوهافر شمالي فرنسا: "لم يدرك الناس ما كان يحدث. مات المقيمون في الدور من الاختناق".
تتحدث دوبوك وآخرون عن أوضاع فوضوية في آذار (مارس) وأوائل نيسان (أبريل) في بعض دور كبار السن في فرنسا البالغ عددها 7400 دار، كانت الكمامات وغيرها من معدات الحماية في حالة نقص شديد، وكان الموظفون مرضى أو غائبين، ولم يكن هناك سوى عدد قليل جدا من الاختبارات، وكانت المستشفيات المثقلة بالأعباء ترد المرضى في بعض الأحيان. تقول: "كنا في حالة حرب، لكن لم تكن لدينا أسلحة. تركوا كبار السن لدينا يموتون". تعتقد دوبوك أن المقيمين في مؤسسات إيواء المسنين "تركوا لمصيرهم".
كانت فرنسا من بين أوائل البلدان في أوروبا التي أدركت الدمار الذي أحدثه كوفيد - 19 في دور رعاية كبار السن. بدأت السلطات الصحية في الإبلاغ عن الوفيات هناك بشكل منفصل عن الوفيات في المستشفيات منذ نهاية آذار (مارس). بحلول منتصف تشرين الأول (أكتوبر) أظهرت إحصائيات أن 10856 من أصل 33037 حالة وفاة بسبب كوفيد -19 في البلاد كانت في دور الرعاية. لكن الأرقام الحقيقية أعلى لأن بعضهم مات في المستشفى وبعضا آخر لم يتم اختباره قط من أجل الفيروس. في المنازل التي تعمل فيها دوبوك، تقول إن هناك 92 حالة وفاة مشتبها بها، تأكد أن 50 منها ناجمة عن فيروس كورونا.
تصف أوليفيا موكيوسكي كيف توفيت جدتها هيرمين البالغة من العمر 96 عاما، التي كانت تتمتع بصحة جيدة سابقا، في المستشفى في 4 نيسان (أبريل). أصيبت بالفيروس في مؤسسة بيل إير للمسنين بالقرب من باريس. تدار المؤسسة من قبل شركة كوريان، وهي شركة مدرجة وتعد أكبر مشغل لخدمات دور الرعاية في أوروبا. موكيوسكي وأقارب آخرون للمقيمين يتهمون بعض الموظفين بالفشل في اتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة، وإخفاء إصابات كوفيد -19عند ظهورها وعدم الاعتناء بالمرضى بشكل كاف.
تقول: "الظروف التي ماتوا فيها، وليس موتهم بسبب كوفيد، كانت هي المشكلة. تم التخلي عن هؤلاء الأشخاص. ما فعله كوفيد بالضبط هو أنه كشف عن مشكلات نقص الرعاية ونقص الموارد في دور المسنين". تقول موكيوسكي إن جدتها أدخلت أخيرا إلى المستشفى في حالة "كارثية. كانت تعاني سوء التغذية والجفاف عند وصولها".
تتعاون موكيوسكي الآن مع 250 أسرة لإطلاق دعاوى قضائية جماعية تتهم فيها دور رعاية المسنين Ehpads التي يعتقدون أنها أهملت أقاربهم. يقول محاميها فابيان أراكيليان إنه يعالج 40 قضية في جميع أنحاء فرنسا، مضيفا: "إنها فضيحة صحة عامة حقيقية، ونحن في البداية فقط".
رفضت كوريان الرد على ادعاءات محددة بسبب استمرار التحقيقات القضائية، لكنها أقرت بوجود "مشكلات خطيرة للغاية" في عدد من دور Ehpads، وأشارت إلى أن البروتوكولات الحكومية لم تكن تفرض ارتداء الكمامات عند بداية الوباء. يقول جان مارك بلانتاد، رئيس العلاقات الإعلامية في كوريان: "لم يكن هناك دواء لعلاج كوفيد - 19، ولم يكن هناك لقاح. السلطات احتفظت بالفحوص للمستشفيات. كانت هناك مؤسسات أصيب فيها الموظفون بالمرض، في بعض الحالات 20 في المائة منهم خلال 24 ساعة. الفيروس هو الذي يقتل، وليس دور الرعاية، وليس كوريان".
ما لا يقل عن اثنتين من شركات الرعاية الخاصة في فرنسا، في قطاع للرعاية الصحية كان يتوسع بسرعة في العقود الثلاثة الماضية، تلقيتا تحذيرا مبكرا من الكارثة العالمية التي تتكشف لأن لديهما دور رعاية في الصين. يقول جان كلود بردنك، مدير العمليات في أوربيا، أكبر مشغل خاص لدور الرعاية في العالم، التي تدير دارا للمسنين جنوب ووهان: "في نهاية كانون الثاني (يناير)، حذرتنا فرقنا من وجود مرض من نوع سارس ينتشر في جميع أنحاء ووهان".
بدأت أوربيا التي لديها 65 ألف موظف في جميع أنحاء العالم، في إغلاق دورها الـ240 لرعاية المسنين في فرنسا في وجه الزوار قبل أكثر من أسبوع من أمر الحكومة بالإغلاق. ونظمت التدريبات والبروتوكولات، وسارعت إلى الحصول على إمدادات من المعدات الطبية واستعدت لما هو آت. يقول بردنك: "كنت أظن أنه سيأتي من إيطاليا، لذلك ركزت حقا على بروفانس، بالقرب من الحدود الإيطالية في جنوب فرنسا، ولكن في النهاية وصل مباشرة إلى باريس من شرق فرنسا".
لم يسلم المقيمون في أوربيا أيضا. فقد سجلت أول حالة إيجابية لها في 12 آذار (مارس)، وتقول إن 2600 من المسنين المقيمين البالغ عددهم 18500 في فرنسا أصيبوا بالعدوى، توفي منهم 416 بين بداية آذار (مارس) ونهاية تموز (يوليو). منذ ذلك الحين، كان لديها 16 حالة وفاة فقط بسبب فيروس كورونا. يقول بردنك إن الشركة لم تتعرض حتى الآن لشكاوى قانونية رسمية.

تبرير المأساة

يصر الأطباء ومقدمو الرعاية والمسؤولون الحكوميون بشكل خاص على أهمية وضع مأساة الوباء بين كبار السن في نصابها. في عام نموذجي، سيموت نحو 180 ألفا من أصل 700 ألف شخص في دور الرعاية الفرنسية بسبب الإنفلونزا وغيرها من الأسباب. معدل الوفيات اليومية في البلاد خلال موجة الحر القاتلة عام 2003 تجاوز إلى حد كبير أسوأ أيام جائحة فيروس كورونا في آذار (مارس) ونيسان (أبريل)، وفقا لمعهد الإحصاء "إنسي".
كانت المأساة الحقيقية لكبار السن ذات شقين: مات بعضهم وهو يلهث من أجل التقاط الأنفاس لأن قلة من الدور كانت لديها معدات الأكسجين اللازمة لمرضى كوفيد - 19 الذين كانوا في حالة خطيرة. وقد حرم الناجون، وكثير منهم مشوشون بالفعل أو يعانون الخرف، من الزيارات العائلية والاتصال الوثيق بمقدمي الرعاية لهم من خلال الإجراءات الرامية إلى وقف انتشار الفيروس.
انتقد سياسيون معارضون وبعض المديرين التنفيذيين في دور الرعاية بشدة إدارة ماكرون لتعاملها مع الوباء، بما في ذلك ما يقولون إنه تركيزها الضيق على المستشفيات بدلا من دور الرعاية التي يقيم فيها كبار السن المستضعفون. قال سينيربا، الاتحاد الذي يمثل دور الرعاية الخاصة، إنه لم يتلق "أي رد" عندما كتب إلى وزيرة الصحة آنذاك أجنيس بوزين في 4 شباط (فبراير) يقدم توصيات حول كيفية التعامل مع الأزمة.
في الإليزيه، يوافق مستشارو ماكرون على أنه كان هناك نقص في المعدات وأن الحكومة فوجئت بالانتشار السريع للوباء. يقول أحد المسؤولين الذين يتعاملون مع السياسة الصحية: "جميع المشكلات التي لم تحل قبل كوفيد انفجرت أثناء الوباء".
لكنهم يقولون إن ماكرون كان على دراية تامة بمدى ضعف سكان دور رعاية المسنين. يقول مسؤول: "كان الرئيس يأتي إلي كل يوم ويقول: ’ما الذي يحدث في دور الرعاية؟‘ كانت القاعدة أنه ينبغي عدم ترك أي دار للمسنين لتتولى شؤونها بنفسها".
أول موجة شديدة من كوفيد - 19 في الربيع سجلت أقسى ضربة في الشرق ومنطقة باريس. بعد ثلاثة أسابيع فقط من زيارة ماكرون إلى دار الرعاية، قالت هيئة الصحة في منطقة جران إيست المتاخمة لألمانيا إن ثلثي دور المسنين البالغ عددها 620 تأثرت بفيروس كورونا وتوفي 570 شخصا.
في أحدث موجة من الإصابات كانت مدن باريس وليون ومرسيليا وليل هي الأكثر تضررا حتى الآن. لكن هذه المرة بيوت المسنين كانت أفضل تجهيزا واستعدادا.
حتى مع ذلك، من المؤكد أن يموت مزيد من المقيمين المسنين بسبب فيروس كورونا. من بين 1512 "مجموعة" إصابات نشطة بفيروس كوفيد -19 سجلتها السلطات في منتصف تشرين الأول (أكتوبر)، كانت 293 في دور رعاية المسنين. تقول دوبوك مقدمة الرعاية في لوهافر: "هناك خوف حقيقي من عودة كوفيد".

الحافز الحمائي

في ألمانيا المجاورة، يواكيم ميسفيلدت، رئيس شركة سويسرية للوازم الطبية، وجد نفسه في قلب أزمة دبلوماسية في آذار (مارس). كان لشركته، أكزينتا، سلعة كانت أوروبا في أمس الحاجة إليها في تلك الأيام الأولى لوباء كوفيد - 19: الكمامات من آسيا.
الكثير من مخزون الشركة لم يكن موجودا في سويسرا ولكن في مستودع في فرايبورج، جنوب غربي ألمانيا. وفي وقت سابق من ذلك الشهر، اتخذت ألمانيا إجراء استثنائيا لحماية إمداداتها المتضائلة من معدات الوقاية الشخصية. في 4 آذار (مارس)، حظرت حكومة أنجيلا ميركل تصدير جميع المعدات الطبية الوقائية. كان الأمر واسع النطاق، من النظارات الواقية والمعاطف إلى الدروع والقفازات والكمامات الجراحية. تركت هذه الخطوة أكزينتا غير قادرة على إمداد العملاء الأوروبيين من مستودعاتها الألمانية. يقول ميسفيلد: "كان ذلك شيئا مفاجئا وغريبا إلى حد كبير. وصفعة هائلة على الوجه".
تم التعجيل بالحظر وسط مخاوف حقيقية من أن الإمدادات الطبية الأساسية على وشك النفاد من ألمانيا، تماما في الوقت الذي ضرب فيه الوباء أكبر اقتصاد في أوروبا بكامل قوته. وتزامن ذلك مع إجراءات طارئة أخرى، مثل إصدار أمر للمستشفيات بتأجيل العمليات الاختيارية، وزيادة سعة العناية المركزة، وتوفير الأسرة. لكن الحظر سرعان ما أثار ردود فعل عنيفة. بدأت السلطات الألمانية في مصادرة شحنات كبيرة من الكمامات والقفازات التي تم تخزينها في أراضيها أو المارة عبرها – حتى عندما تم شراؤها ودفع ثمنها من قبل بلدان أخرى.
كان جيران ألمانيا في الاتحاد الأوروبي غاضبين. بعضهم اتهم برلين بتقويض السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، التي طالما كانت ألمانيا تؤيدها باعتبارها واحدا من أعظم إنجازات الكتلة. ووجهت اتهامات مماثلة عندما أغلقت ألمانيا من جانب واحد حدودها الغربية في وقت لاحق من الشهر نفسه، وهي خطوة قال النقاد إنها أضعفت بشكل مميت منطقة شنجن الخالية من جوازات السفر. كان يبدو أن بعض ركائز الوحدة الأوروبية كانت آخذة في الانهيار.
منذ ذلك الحين، تسعى ألمانيا إلى إصلاح الضرر الذي سببته هذه الإجراءات المبكرة. تحركت بسرعة لتعديل ثم رفع حظر التصدير. استقبلت مستشفياتها 229 مريضا بكوفيد - 19 من فرنسا وإيطاليا وهولندا. في 19 آذار (مارس)، سلمت ألمانيا 7.5 طن من المساعدات إلى إيطاليا، بما في ذلك أجهزة التنفس الاصطناعي وكمامات التخدير. لكن حتى يومنا هذا، لا تزال برلين تشعر بالحرج بسبب توقف التصدير وسوء النية الذي تسبب فيه. يقول مسؤول حكومي رفيع: "كان الأمر مؤسفا للغاية".
هذه وجهة نظر يشاركها كارل لاوترباخ، المتحدث الصحي باسم حزب الديمقراطيين الاجتماعيين وأحد الوجوه العامة للاستجابة لحالات الطوارئ في ألمانيا. يقول: "حين ننظر إلى الموضوع الآن، كان ذلك خطأ". فكرة بناء "الاستقلال الذاتي" في لوازم المعدات "دائما ما تكون فكرة سيئة عندما تتعامل مع جائحة، حيث يكون التعاون عبر الحدود مهما للغاية".
تقول كوردولا شولتز-آشه، المتحدثة الصحية باسم حزب الخضر المعارض: "لا يمكنك محاربة الوباء من خلال إجراءات أحادية الجانب على المستوى الوطني – ولكن فقط من خلال تحالفات إقليمية كبيرة، وهو ما تمثله أوروبا".
تتخصص شركة ميسفيلدت في اللوازم الطبية البسيطة مثل المرايل الواقية، وأغطية كراسي عيادات الأسنان، وستائر طاولة الفحص، وأغطية الوجه. في أوائل آذار (مارس)، كان لديه الكثير من السلع التي كانت المستشفيات تصطرخ من أجلها، لكن ميسفيلدت كان في حيرة من أمره بشأن كيفية التصرف. بعد أن حذره محامون من أن الحظر قد يظل ساري المفعول لعدة أشهر، بدأ في بيع منتجاته بأسعار متدنية للغاية للشركات الألمانية. يقول: "كان ذلك جنونا اقتصاديا".
كان أحد الزبائن المتأثرين هو شركة ديسبوتيك، وهي مورد للمنتجات الطبية التي تستخدم لمرة واحدة. يقع مقر الشركة في جوردونا، على بعد نحو 100 كيلو متر من بيرغامو، أحد المراكز الأولى للوباء. كان الطلب على الكمامات قد وصل إلى أعلى المستويات.
شعرت ديسبوتيك وآخرون أنه تم التخلي عنهم ساعة الضيق، وهدد تقييد الصادرات بأزمة في العلاقات الألمانية - الإيطالية. اشتكى زبائن أكزينتا للسفارة الإيطالية في برلين واتصل أحد الدبلوماسيين بميسفيلدت. يتذكر قائلا: "كان يضايقني بجنون، واتهمنا بتعطيل التسليم. قلت له إنه لا يوجد شيء يمكننا فعله".

غضب الجيران

الحصار الألماني، الذي فرض في الوقت الذي كانت فيه روسيا وكوبا والصين ترسل مساعدات طارئة إلى لومبارديا، أدى إلى تغذية الشعور بأن إيطاليا قد تخلى عنها أقرب حلفائها في وقت الحاجة. كان هناك غضب أيضا من رفض ألمانيا قبول "سندات الكورونا" كوسيلة لإنقاذ الاقتصاد الأوروبي المدمر. كتبت صحيفة "إل جورناله" الإيطالية في 13 آذار (مارس): "في أرض أنجيلا ميركل، التي تفتخر بلقب زعيمة أوروبا، تموت روح المجتمع".
حادثة واحدة على وجه الخصوص جذبت انتباه الجمهور: بعد يومين فقط من دخول حظر برلين حيز التنفيذ، صادر مسؤولو الجمارك الألمان شاحنة تحتوي على أكثر من 240 ألف كمامة واقية قبل أن تتمكن من عبور الحدود السويسرية. كانت واحدة من كثير من حالات المصادرة. شعر المسؤولون السويسريون بالقلق من أن المعدات قد تنفد من البلاد. يقول أحدهم: "لم نكن بعيدين عن أن يرتدي الأطباء والممرضات أكياس القمامة، كما رأينا في الولايات المتحدة".
سرعان ما أدرك النواب الألمان الضرر الذي يلحقه الحظر. عند سماعها عن صعوبات أكزينتا، ناشدت ماريان فندت، عضوة البرلمان من كتلة ميركل "اتحاد الديمقراطيين المسيحيين والاتحاد الاجتماعي المسيحي"، وزارة الصحة الألمانية نيابة عن ميسفيلدت. تقول: "كان من المهم بالنسبة لي أن أحاول الحفاظ على السلام في أوروبا. كان هناك صراع كبير يختمر، حيث قال الإيطاليون إن الألمان يأخذون كماماتنا منا".
كان الضغط يأتي أيضا من سويسرا، حيث أطلقت السلطات جهودا دبلوماسية عاجلة لعكس الحصار. في بيرن، استدعت الحكومة السفير الألماني أوتو لامبه للشكوى. كما أعرب سفير سويسرا في برلين عن مخاوفه.
نجحت الجهود: تم ترتيب مكالمة هاتفية بين ميركل وسيمونيتا سوماروغا، الرئيسة السويسرية. وعدت المستشارة الألمانية برفع القيود المفروضة على الصادرات إلى سويسرا في أقرب وقت ممكن. أخيرا، في 12 آذار (مارس)، عدلت برلين الحظر، وسمحت بإعفاءات مختلفة. ثم بعد أسبوع ألغته بالكامل. لكن ذلك حدث فقط بعد أن حظرت المفوضية الأوروبية في 15 آذار (مارس) تصدير جميع المعدات الطبية من السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي إلى بلدان ثالثة.
استغرق قرار ألمانيا بإغلاق حدودها الغربية وقتا أطول للتراجع عنه، على الرغم من أنه أثار ردود فعل غاضبة مماثلة. ذهلت دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بهذه الخطوة – خاصة وأن ميركل كانت قد جادلت في السابق ضد الإجراءات أحادية الجانب لوقف المرض. قبل أيام من إغلاق الحدود، قالت إن بلدان الاتحاد الأوروبي "ينبغي ألا تعزل نفسها عن بعضها بعضا" وأن عليها أن تتبنى "نهجا موحدا يكون، قدر الإمكان، منسقا بيننا".
الآن يعترف الوزراء في محافلهم الخاصة بأن الإغلاق ربما كان الرد الخاطئ. قال مسؤول حكومي كبير: "انظروا إلى ما حدث على حدودنا مع بولندا، كانت لدينا طوابير من الشاحنات طولها 60 كيلو مترا. السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي تعطلت بشدة – ولا يمكننا أن نترك ذلك يحدث مرة أخرى".
تقول شولتز-آشه، النائبة عن حزب الخضر، إن عمليات الإغلاق كانت "غير مناسبة نهائيا. عندما تغلق الحدود، تنهار الاتصالات الاجتماعية والمهنية والاقتصادية". وبدلا من ذلك، كان ينبغي لألمانيا تكثيف التعاون عبر الحدود مع السلطات الصحية في البلدان المجاورة.
وعندما سئلت ميركل في أواخر آب (أغسطس) عما إذا كان ستتم إعادة العمل بالإغلاق في حال كانت هناك زيادة جديدة في حالات الإصابة بكورونا، استبعدته. قالت: "الوضع الآن هو أننا نريد أن نستجيب بطريقة إقليمية أكثر بكثير. لا ننوي اللجوء إلى عمليات إغلاق واسعة النطاق مرة أخرى – أعتقد إذا بذلنا جميعا جهدا، فيمكننا تجنبها".
على نطاق أوسع، كانت ميركل مستعدة للاعتراف بأن نهج ألمانيا، على الأقل في المرحلة الأولى من الأزمة، كان "وطنيا" أكثر من اللازم. في خطاب ألقته يوم 18 حزيران (يونيو)، قالت إن الوباء كشف "مدى الهشاشة التي لا يزال عليها المشروع الأوروبي. ردود الفعل الأولى، بما في ذلك ردود أفعالنا، كانت وطنية إلى حد ما وليست أوروبية بشكل متناسق".
في حديث قبل رحلة رسمية إلى إيطاليا في أيلول (سبتمبر)، اعترف فرانك فالتر شتاينماير، الرئيس الألماني، بأن ألمانيا "شهدت، كما لو كان رد فعل تلقائيا، تراجعا نحو الداخل". لكنها سرعان ما تعلمت الدرس. قال: "سرعان ما أدركنا أنه لا يمكن لبلد أن يهزم الفيروس بمفرده. في أوروبا، يجب ألا تتوقف المساعدة والدعم عند الحدود – وهي حدود أصبحت شبه منسية الآن".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES