حصن المصمك .. قلب العاصمة النابض وتاريخها الخالد

حصن المصمك .. قلب العاصمة النابض وتاريخها الخالد

حصن المصمك .. قلب العاصمة النابض وتاريخها الخالد

تعود قصة بناء حصن المصمك إلى عهد الإمام عبدالله بن فيصل الذي شرع في تشييده عام 1282 هجري الموافق 1865 ميلادي ضمن قصر كبير في الرياض. وأطلق عليه المصمك وفقا لما ذكرته دارة الملك عبدالعزيز نسبة لأوصاف بنائه السميكة والمرتفعة ليظل على مدى 147 عاما متربعا وسط الرياض القديمة التي يقطعها آنذاك شارع شمالي جنوبي "السويلم" وشرقي غربي "الثميري" محاطة بسور طيني يبلغ ارتفاعه 20 قدما وله 5 بوابات هي "الثميري والسويلم ودخنة والمذبح والشميسي".

ولم تغب مكانة حصن المصمك في الرياض الحديثة فقد برز بشموخه التاريخي العريق وبنائه الطيني القديم وسط المباني الحديثة والطرق المعبّدة التي تجاوره محيطة بأركانه وجدرانه إضاءات بألوان الذهب تعكس للناظر "حينما يدنو النهار" هيبة الحصن الذي وصفه المعماري البريطاني المعروف كريستوفر الكسندر بأنه "الغموض الممتع" الذي يدفعك إلى المشاهدة ومحاولة الاكتشاف حيث جمع المصمك في تصميمه ما بين الصرح العمراني العريق وتكوين العمارة التقليدية.

وكان بناء حصن المصمك من اللبن والطين الممزوج بالتبن أما الأساس فقد بني من الحجارة وكسيت جدرانه الخارجية والداخلية بلياسة من الطين فيما كسيت أعمدته ومداخل أبوابه بطبقة من الجص واستخدم في تغطية أسقفه خشب جذوع شجر الأثل والجريد وسعف النخل المغطى بطبقة من الطين ليبرز هذا الموروث المعماري البسيط أهمية المصمك كحصن دفاعي من جهة وكوسيلة لترسيخ عمق الهوية السعودية من جهة ثانية.

وفي عام 1399هـ، قامت أمانة مدينة الرياض بوضع خطة ترميم شاملة للحصن وأجريت له إصلاحات عامة من الداخل والخارج اكتملت عام 1403 فصدرت توجيهات المقام السامي بتسليمه إلى الإدارة العامة للآثار والمتاحف تبعها توجيهات من الملك سلمان بن عبدالعزيز حينما كان أميرا لمنطقة الرياض آنذاك بتحويل المصمك إلى متحف متخصص عن مراحل توحيد وتأسيس المملكة ليكون افتتاحه من لدنه في الثالث عشر من محرم عام 1416.

ويميز حصن المصمك بوابته الخشبية الرئيسة الواقعة في الجهة الغربية للمبنى على ارتفاع 3.60 أمتار وعرض 2.65 مترين وبسمك 10 سنتيمترات ويوجد على البوابة 3 عوارض يصل سمك الواحدة منها نحو 25 سنتيمترا وفي وسطها فتحة ضيقة تُسمى "الخوخة" وعند عبور الزائر هذه البوابة لدخول الحصن يلفت نظره في الجهة اليسرى "المسجد" الذي يحتوي على عدة أعمدة طينية سميكة وفي جدرانه أرفف متعددة للمصاحف، إضافة إلى محراب مجصّص وفتحات للتهوية في السقف والجدران.

كما يتميز بـ "الديوانية" التي تقع في مدخله الغربي محتوية على غرفة مستطيلة الشكل يقف في زاويتها ما يسمى بالوجار "مكان إعداد القهوة" ويخترق الهواء جهتها الغربية والجنوبية عبر فتحات للتهوية والإنارة في حين يتوسط فناء الحصن من الجهة الشمالية الشرقية "البئر" الذي تُسحب منه المياه عن طريق المحالة المركبة على فوهته بواسطة الدلو ليمد أرجاء المصمك بالمياه اللازمة للشرب.

وللمصمك 4 أبراج مخروطية الشكل يبلغ ارتفاع الواحدة منها 14 مترا وفي الوسط يوجد برج يسمى "المربعة" بطول 18 مترا يطل على الحصن من خلال الشرفة العليا كما يوجد فناء رئيسي تحيط به غرفة ذات أعمدة متصلة ببعضها البعض داخليا ويوجد بالفناء درج في جهة الشرقية يؤدي إلى الدور الأول من الحصن والسطح علاوة على 3 وحدات سكنية الأولى استخدمت لإقامة الحاكم والثانية كبيت للمال والثالثة لإقامة الضيوف.

ولم تقف عجلة تطوير حصن المصمك إلى هنا بل افتتح الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار خطة تطوير العروض المتحفية فيه لترتفع أجنحة الحصن من 5 إلى 10 أجنحة تحتوي على أكثر من 17 قاعة تحكي تاريخ فناء المصمك وزمن استرداد الرياض واقتحام المصمك والرواد والرياض القديمة والمصمك واستخداماته والقاعة الأخيرة وفناء البئر والعروض المؤقتة علاوة على قصة توحيد المملكة وإنجازات الملك عبدالعزيز مزودة بالصور والخرائط والمجسمات والأفلام التوضيحية.

وضمن خطة هذه الأعمال تم إنشاء محطة لزيادة الطاقة الكهربائية بالحصن واستخدام أساليب إضاءة حديثة داخل قاعاته وغرفه علاوة على تكييف المبنى وفق أرقى أنظمة التكييف المخفية وتركيب مظلات في بعض مساحاته لحجب الشمس والغبار عن الزائرين وتركيب شاشات عرض تلفازية في بعض القاعات والأبراج وتأثيث الديوانية وتجهيز قاعة لاستقبال كبار الزوّار.

وأعيد تأهيل الأفنية الداخلية لحصن المصمك مثل فناء البئر بشكل جديد مع الاحتفاظ بمعالمها التاريخية القديمة كما وضع مدفع قديم في مدخل الفناء وبعض الأحواض الحجرية إلى جانب معالجة بعض الأسقف الخشبية وتصريف المياه الأمطار واستبدال المزاريب المنكسرة وتخصيص متجر لبيع الهدايا التذكارية للزوار وتجهيز مقهى لتناول القهوة العربية الأصيلة في الحصن وبعض المأكولات الشعبية.

ويفتح حصن المصمك أبوابه للزوّار مدة ستة أيام في الأسبوع، على فترتين صباحية تبدأ من الساعة 8 صباحًا حتى 12 ظهرًا، ومسائية من الساعة 4 حتى الساعة 9 مساءً.
كما يفتح المصمك أبوابه خلال فترات العيدين، واحتفالات ذكرى اليوم الوطني، والمناسبات الوطنية الأخرى، مع تأمين مرشدين سياحيين للزوار لشرح مكونات القصر.

الأكثر قراءة