Author

نهاية النقد

|
شاهدت في مومباي الهندية تنفيذ قرار مهم جدا، يهدف إلى محاربة التعامل بالعملات النقدية، وبذا يتم تحويل واحد من أكبر اقتصادات آسيا إلى حالة من الرقابة المالية الحامية للمكتسبات. التعامل بالنقد أصبح من مكونات العصور الماضية، وسيتم التحول من هنا إلى عملات رقمية بعيدا عن العملات المتداولة، سواء كانت يدوية أو عن طريق أجهزة الخصم المباشر مهما كان نوعها.
يحدث هذا التحول على مستوى العالم، وهو عندنا يسير بخطى متسارعة، وقد تكون حاجتنا إليه أكبر في المرحلة المقبلة، إذ لا بد أن يكون لأبناء الوطن فرص عادلة للعمل والاستثمار بعيدا عن مجموعة المخالفات، التي ترتكب اليوم من قبل فئات تتمحور أعمالها على عمليات التستر، التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
يستأثر العاملون الأجانب بحجم هائل من العمليات التجارية والصناعية والخدمية، وهم يدفعون لمن يكفلونهم مبالغ محدودة، تؤكد سوء الاختيار الذي يمارسه كثيرون. هذا الاختيار يؤثر - بالنهاية - في اقتصاد البلاد بعمومه، ويعيد عجلة الاقتصاد إلى الوراء، ويخرج العملات الصعبة من البلاد إلى غير رجعة.
ولو نظرنا إلى التحويلات الأجنبية، لعرفنا حجم الخطر الذي يواجه الاقتصاد، فنحن نخسر أكثر من 30 في المائة من حجم الناتج المحلي على شكل حوالات خارجية غير مسترجعة، وأغلبها يتحول إلى عمليات اقتصادية في دول أخرى، ليتحول الاقتصاد إلى مكافح من أجل البقاء بسبب ابتعاد الناس عن التفكير السليم.
إن وجود نسبة تزيد على 10 في المائة من الناتج الوطني خارج الاقتصاد، يعني أنه خلال عشرة أعوام، سيخسر الاقتصاد نحو تريليون ريال، وهنا يتضح حجم الاستثمارات التي كان لزاما أن تأخذ مكانها في الوطن، فهي بهذا ستفتح بيوتا، وتنعش الاقتصاد، وترفع من مستويات مرتبطة بالاقتصاد الإيجابي، حيث تصل إلى حماية وتطوير التعليم بالمشاريع البحثية التي يمكن أن تنفذ في البلاد والمستويات الأكاديمية التي ستطلبها عمليات مكونات الاقتصاد المختلفة.
من هنا، لا بد أن نحول انتباهنا نحو تكوين درع حامية للاقتصاد الوطني قوامها التعامل بالوسائل المالية القابلة للرقابة، والخروج من أزمة "الكاش"، الذي ثبت مع كورونا أنه ضار على الصحة، إضافة إلى أضراره الاقتصادية الأخرى. مع هذا تنتهي بعض الممارسات المعتادة، لكنها تظهر بشكل مختلف سواء في المعايدات، أو دعم المتزوجين، وغيرها من الأعمال التي قد تتحول كذلك للأتمتة.
إنشرها