مزايا الضمان الاجتماعي وسباق الرئاسة الأمريكية «2 من 3»

حذت ميتشيل حذو والديها، فحصلت على درجة البكالوريوس في علوم الاقتصاد من جامعة هارفارد عام 1974، حيث اضطرت هي الأخرى للتعامل مع بيئة يسيطر عليها الذكور. واعتاد أحد الأساتذة كبار السن على تحيتها في قاعة المحاضرات بقوله: "صباح الخير أيتها السيدة والسادة". وتقول ميتشيل "كان الوقوف والتحدث أمام نظرات 99 ذكرا أمرا مخيفا للغاية في البداية، لكنني تغلبت على الأمر". وقد أثرت فيها هذه التجربة، ودفعتها إلى البحث عن بيئة أكثر دعما للنساء خلال مسيرتها المهنية لاحقا. فكان ذلك أحد الأسباب الرئيسة وراء قرارها عام 1993 بالعمل في كلية وارتون التي كانت تعرف على مدار التاريخ بارتفاع نسبة النساء بين صفوف أساتذتها. واضطلعت بدور نشط کمرشدة وداعمة في اللجنة المعنية بوضع المرأة المهني في مجال الاقتصاد.
وفي عام 1978، كانت ميتشيل في سن الـ 25 حين أتمت دراسة الدكتوراه في جامعة ويسكونسن، وكانت أطروحتها عن تأثير ارتفاع معدل البطالة المحلية على مشاركة النساء المتزوجات في القوة العاملة. والتحقت بوظيفتها الأولى في جامعة كورنيل حيث عهد إليها بتدريس مادة عن معاشات التقاعد. وتقول ميتشيل عن هذه الحقبة "كان الكتاب الذي طلب مني الاعتماد عليه في تدريس المادة أكثر مللا مما يمكن تصوره"، وعقدت العزم على أنه "بمقدورها الكتابة عن هذا الموضوع بشكل أكثر إمتاعا والتطرق إلى القضايا الاقتصادية بجانب المسائل الإكتوارية". علاوة على ذلك، حذرتها والدتها من كارثة وشيكة في نظام معاشات التقاعد في الولايات المتحدة وشجعتها على تقصي حقيقتها.
وأثناء عملها في جامعة كورنيل، تزوجت ميتشيل جارها في البناية التي كانت تسكنها في مدينة إثاكا. وكان جين دایكس في طريقه ليصبح عالم كمبيوتر. وقد تقاعد الآن، وحقق رقما قياسيا في الماراثون غير الرسمي للفئة العمرية من 70 إلى 74 عاما، رغم أنه لم يأخذ رياضة العدو على محمل الجد إلا في الستينيات من عمره.
وفي الأسبوع الذي تم فيه تثبيت ميتشيل في وظيفتها الجامعية، أنجبت أولى ابنتيها. وأعدت لاحقا بنك الأم وهو عبارة عن جدول تسجل فيه مصروف ابنتيها وأي أموال إضافية تحصلان عليها مقابل قيامهما بمهام منزلية. وتقول "عندما كانتا ترغبان في شراء أي شيء بخلاف اللوازم المدرسية، كان عليهما التحقق من أن لديهما المال الكافي لذلك".
وفي سياق عملها الأكاديمي، كان أهم أعمالها الأولى في مجال التأليف الاشتراك مع جاري فيلدز، عالم الاقتصاد في جامعة كورنيل في كتابة بحثها الطويل الأول بعنوان التقاعد والمعاشات والضمان الاجتماعي الذي ناقش العوامل المؤثرة في سلوكيات التقاعد لدى المواطنين. وتضيف قائلة إن دراسة معاشات التقاعد بعدها مؤسسة اقتصادية تؤثر في السلوكيات أصبحت من أهم مجالات البحث لاحقا.
ويقول فيلدز، وهو من أبرز خبراء اقتصاد العمل حول العالم، "كانت أوليفيا مثالا للذكاء والاجتهاد، والتنظيم والتركيز، والطيبة واللياقة. وكان واضحا أنه من المقدر لها تحقيق إنجازات عظيمة".
وتوسعت ميتشيل لاحقا في عملها البحثي، واتجهت إلى تصميم خطط التقاعد، بما في ذلك الضمان الاجتماعي، من أجل التشجيع على رفع سن التقاعد. وفي الوقت الحالي، يطالب أكثر من 40 في المائة من المستفيدين بالحصول على مزايا الضمان الاجتماعي في سن الـ 62 على الأقل، بينما يمكن لمن ينتظرون ثمانية أعوام لحين التأهل للحصول على المزايا القصوى في سن الـ 70 زيادة دخولهم الشهرية بنسبة 75 في المائة، وفقا لحسابات ميتشيل. لذلك فإن المطالبة المبكرة بالمزايا عادة ما تحول دون الحصول على المزايا القصوى.
وقد توصلت ميتشيل إلى أن أحد الأسباب التي تدفع المواطنين إلى الحصول على مزاياهم في سن مبكرة للغاية يتعلق بكيفية شرح أو صياغة المستشارين الماليين لهذا القرار المهم. وتحديدا، يستخدم المستشارون نهجا يقوم على مفهوم نقطة التعادل ويصور القرار ضمنا بأنه رهان غير مضمون على الفترة التي سيعيشها المستفيد. لذلك، فقد يخبرك المستشار المالي بقيمة المزايا التي ستحصل عليها في حالة صرفها مبكرا في سن الـ 62، ثم يخبرك أن عليك أن تكون متأكدا من أنك ستعيش 14 عاما إضافية على الأقل لاسترداد الأموال التي تنازلت عنها عندما أرجأت قرار المطالبة بالمزايا لأعوام قليلة. وقد يتضح من هذا التحليل، على سبيل المثال، أن إرجاء المطالبة إلى سن الـ 70 سيتطلب منك أن تعيش حتى سن الـ 84 للوصول إلى نقطة التعادل والبدء في الحصول على مكاسب صافية.
عندما يتم عرض الأمر بهذه الشروط، يشعر الشخص بالقلق مما إذا كان سيعيش بالفعل لحين بلوغ هذه السن أم لا. ولسوء الحظ، تغفل هذه الشروط عادة حقيقة أن نصف السكان يعيشون لفترة أطول من أعمارهم المتوقعة. وبالتالي، إذا كان المواطن يشعر بالقلق من احتمالية نفاد أصوله وهو لا يزال على قيد الحياة، يكون من الأصوب إرجاء المطالبة بالمزايا وبالتالي تجنب نفاد الأموال في سن كبيرة. واستنادا إلى البحوث التي أجرتها ميتشيل، توقفت إدارة الضمان الاجتماعي عن استخدام التحليل القائم على مفهوم نقطة التعادل وتستخدم حاليا تحليلا أكثر حيادية يتضمن تقديم حوافز للتشجيع على إرجاء المطالبة بالمزايا... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي