Author

رأس المال وتقليص الخسائر

|
تتكون سوق الأسهم السعودية من عدد كبير ومتنام من الشركات المساهمة التي تمثل القطاع، وتعقد عليها الآمال الكبيرة بأن تسهم في الناتج المحلي وتوفر فرصة استثمارية للأفراد وصغار المستثمرين للمشاركة في الأنشطة الاقتصادية المتنوعة، إضافة إلى توظيف الشباب السعودي. ولا شك أن كثيرا منها يسهم في الاقتصاد الوطني ويوفر فرصا وظيفية للمواطنين، ولكن هناك تساؤلات كثيرة تبرز في ذهني وأذهان الكثيرين حول اختيار مجالس إدارات هذه الشركات وأداء أعضائها، ما ينعكس سلباً وإيجاباً على أداء تلك الشركات المساهمة التي انكمشت أصولها وبدأت خسائرها تؤثر في رأسمالها.
وحول هذه الموضوعات المتشابكة، يمكن طرح النقاط التالية:
أولا: على الرغم من وجود أنظمة وتعليمات لتشكيل مجالس الإدارات، إلا أن هناك خللا ما، فإما أنها لا تطبق بفاعلية أو أن هناك طرقا لتجاوزها وعدم تفعليها، ما يجعل بعض الأسماء تتكرر دورة بعد دورة مع تكبد الشركات خسائر.
ثانيا: من المثير للاستغراب أن تتكبد بعض الشركات العاملة في مجالات حيوية جذابة استثماريا، مثل مجالات الاستثمار العقاري، والبتروكيماويات، والصناعة، والثروة السمكية، والخدمات البترولية، والسياحة، ونحوها.
ثالثا: يلاحظ غياب الدراسات الدقيقة عند تغيير رأسمال الشركات، وفي بعض الأحيان عدم إيضاح رأسمال الشركة عند التأسيس، وقبل طرحها للاكتتاب العام. بالاعتماد على ما يوفره موقع تداول من معلومات، يمكن استعراض بعض الأمثلة لبعض الجوانب في تاريخ الشركات المساهمة والخسائر المؤلمة. فعلى سبيل المثال، تراجع رأسمال شركة عذيب من أكثر من مليار ريال إلى 228 مليونا، بل إن القيمة السوقية لها لا تتجاوز 122 مليون ريال.
وبالمثل، فإن شركة أميانتيت رفعت رأسمالها من 350 مليونا عام 2000م إلى أكثر إلى أكثر من مليار عام 2005، ولكن ما لبثت أن خفضت رأسمالها إلى 344 مليونا في 2019م. وكذلك شركة الشركة السعودية الهندية للتأمين (وفا للتأمين) التي بدأت برأسمال بلغ 100 مليون، ثم رفعت رأسمالها إلى نحو 200 مليون عام 2014م، ثم خفضت رأسمالها إلى 122 مليونا عام 2017م، ثم إلى 100 مليون ريال، والملاحظ أن الشريك الأجنبي والمؤسس الرئيس (شركة نيو إنديا المحدودة) لا يمتلك سوى 5 في المائة تقريباً، وفي الوقت الحاضر، تقدر القيمة السوقية للشركة بنحو 95 مليون ريال فقط.
وفي التفاصيل أيضا، شركة عذيب التي بدأت برأسمال بلغ مليار ريال عام 2007م، ثم تم تخفيضه إلى 400 مليون عام 2011م، في العام نفسه رفع إلى أكثر من 1.5 مليار، ثم تخفيضه إلى 630 مليونا في 2017م، ثم تخفيضه إلى 472 مليونا في 2018م، ثم إلى 350 مليونا في 2019م، وفي 2020م خفض كذلك إلى 228 مليونا، وتقدر القيمة السوقية للشركة بنحو 122 مليون ريال.
كما مرت الشركة السعودية للصادرات الصناعية (صادرات) بمسيرة مشابهة، إذ أسست برأسمال قدره 72 مليون ريال، ثم تم رفعه إلى 108 ملايين، ثم خفض في 2017م إلى 10.8 مليون ريال فقط، ثم رفع رأسمالها بإصدار أسهم حقوق أولوية ليصبح 64.8 مليون ريال. ولا تستثنى من ذلك شركات الاستثمار العقاري، الذي يُعد من أنجح القطاعات وأكثرها استقراراً بالنسبة لاستثمارات الأفراد.
فعلى الرغم من الفرص الاستثمارية الرائعة خلال الأعوام الماضية، ولا نتحدث عن هذا العام الذي يتأثر بجائحة كورونا، فإن أرباحها محدودة وخسائرها كبيرة، ومن الأمثلة على ذلك دار الأركان، وجبل عمر وغيرهما.
وأخيرا، أتمنى على شركة تداول أن تعنى بشمولية ودقة المعلومات المتوافرة على موقعها، فبعض الشركات لا توجد معلومات عن رأسمالها عند التأسيس ولا التغيرات التي طرأت عليه، ولا تظهر أسماء أعضاء مجالس إداراتها في بعض الأحيان. كما أتمنى قيام هيئة سوق المال بإجراء دراسة مستقلة عن وضع الشركات المساهمة التي تبخرت رؤوس أموالها، وتعزيز المساءلة والمحاسبة في حال كان هناك سوء في الإدارة أو استغلال موارد الشركة، إضافة إلى ضرورة إلزام الشركات بوضع معلومات عن وضعها المالي وأعضاء مجلس إدارتها على مواقعها على شبكة الإنترنت، وحثها على حسن اختيار أعضاء المجالس والإدارات التنفيذية.
إنشرها