صدمة نصف المليار

كان متوقعا أن يصاب كثير بالذهول والدهشة، حين أعلنت شرطة الرياض القبض على عصابة مكونة من ثمانية أشخاص، ثلاثة مواطنين وخمسة سودانيين، قاموا بتحويل نصف مليار ريال للخارج بطرق غير نظامية. المواطنون الثلاثة؛ تستروا على السودانيين الخمسة ومكنوهم من عمليات التحويل، عبر حسابات بنكية لمؤسسات فردية مسجلة بأسمائهم مقابل عمولات مالية، حدث ذلك خلال هذا العام الذي لم ينته، وللدقة خلال ثمانية أشهر أو أقل.
والبيان الذي بثته "واس" يثير كثيرا من الأسئلة لمزيد من الفهم وللوعي بخطورة مثل هذه القضايا.
وبيان الشرطة يشير إلى تحويلات "غير نظامية" من خلال "حسابات" مؤسسات فردية، ويفهم من هذا أنه تم التحويل من خلال حسابات بنكية تعود إلى تلك المؤسسات الفردية. ومثل هذه المؤسسات لها نشاط محدود لا يمكن تصور أن يصل إلى مثل هذه المبالغ. الأسئلة كثيرة، فلمن يعمل هؤلاء السودانيون؟ ومن أين جاءوا بهذا المبلغ الضخم؟ وأين البنوك "بتقنياتها" عن تتبع التحويلات لمؤسسات فردية؟ خاصة خلال فترة أغلبها كان الوضع "التجاري" في حجر صحي مع تراجع النشاطات التجارية وانخفاض استخدام النقود الورقية.أسئلة كثيرة قد يكون للشرطة أسبابها في عدم الكشف عنها مؤقتا لمصلحة التحقيقات، خاصة مع إشارة البيان إلى أن العصابة "امتهنت" تحويل الأموال بطرق غير نظامية.
كل هذه الأسئلة لا تقلل من أهمية وعي المواطن بمسؤولياته فلم يعد لسانك حصانك فقط، بل حسابك "البنكي" حصانك أيضا، إن صنته صانك، وإن أهملت أو جهلت أو تواطأت مع غير نظامي.. هانك.. ومصيرك.. "تم القبض".
في تغريدة له يضيء المحامي الدكتور ياسر البلوي زاوية مهمة غير مطروقة، ومن واقع قضايا حدثت، تبين خطورة الإهمال أو الجهل في استخدام الحسابات البنكية، فمن خلال إعلانات التوظيف يتم حصول العصابات على معلومات مواطنين، ومن ثم يجري اختيار "المناسب" منهم للاستخدام، فيعرض عليهم 200 ريال لفتح حساب بأسمائهم ومبلغ محدد مقابل تحويل أموال من خلال حساباتهم ليقع في شبهة غسل الأموال، ويشير القاضي السابق إلى قضايا بعينها، استغل فيها أمية رجل أو امرأة أو إهمال فتاة وربما شاب أعماه الطمع.
هناك مساحة فراغ لحملات توعية نوعية تتجاوز الضخ السائد لرسائل التوعية في التحذير من استغلال الحسابات، في هذا الصدد يبرز دور عريض لمؤسسة النقد وللبنوك لا تقوم به، ويمكن لوزارة التجارة أن تحرك الساكن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي