Author

حماية السواحل وتنميتها المستدامة

|
خلال الأعوام الماضية تعرضت الشواطئ الرملية الجميلة في شرق المملكة وغربها إلى التحدي والجشع، ومن ثم حرمان آلاف الناس من الاستفادة منها والتمتع بواجهة البحر، في الخليج وعلى سواحل البحر الأحمر، ما يؤدي إلى تراكم الناس في أماكن محدودة وواجهات بحرية صغيرة مع امتداد السواحل لمسافات طويلة، أو السفر لمئات الكيلو مترات شمال المدن الساحلية أو جنوبها للوصول إلى البحر، في حين تتمدد الملكيات الخاصة وتلك المخصصة لبعض الجهات الحكومية على مساحات شاسعة دون مبرر. ولكن ذلك الزمن انتهى في زمن الحزم والعزم. فقد صدر - قبل يومين - أمر ملكي بإحالة مسؤول إلى التقاعد، وإعفاء عدد من المسؤولين الكبار الآخرين في عدد من المناطق الإدارية والمحافظات، إثر ما ورد من الهيئة الملكية لمحافظة العلا وشركة البحر الأحمر وشركة تطوير السودة بشأن التعديات غير النظامية على أراضي البحر الأحمر، وكلفت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بالتحقيق مع جميع المسؤولين.
في هذا العهد الميمون، تحققت الأماني بالضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه الاستيلاء على مقدرات الأجيال الحالية والمقبلة، ومن ثم حرمان كثيرين من الاستمتاع بالشواطئ الرملية الجميلة في شرق المملكة وغربها. ومن المؤسف أن السائح في المنطقة الشرقية، خاصة في حاضرة الدمام الكبرى، يجد صعوبة في الوصول إلى البحر. والأمر نفسه يلاحظ عند زيارة مدينة جدة وما جاورها، وكذلك المدن الصغيرة إلى الشمال منها وصولا إلى حقل. ومن الأهمية بمكان تفعيل الأنظمة وتطويرها، بحيث لا يسمح للفنادق أو الاستثمارات أو حتى الجهات الحكومية بامتلاك الواجهات البحرية مطلقا، وأن يبقى الخط الساحلي متصلا دون انقطاع بملكيات خاصة أو فنادق ونحوها.
في الختام، لعل هذه القرارات الحاسمة والرائعة تكون دافعا لمواصلة هذه الجهود المباركة الرامية لمراجعة نظامية شاملة للأسس ومسوغات الملكيات التي حجبت البحر عن الناس، ومن ثم منع ملكيات السواحل منعا باتا أسوة بما هو مطبق في كثير من الدول المتقدمة. كما أقترح إنشاء هيئة لتنمية السواحل وتطويرها، خاصة أن المملكة تحظى بامتداد سواحلها البحرية لمسافات طويلة تزيد على 3400 كيلو متر تقع على مقربة منها أكثر من 1300 جزيرة، وذلك للتنسيق بين الجهات الحكومية، مثل: خفر السواحل ووزارة السياحة والآثار ووزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة المياه والبيئة والزراعة، وكذلك مؤسسات القطاع الخاص، وتتولى من ضمن مهامها تحديد المواقع المناسبة للاستثمار، وكذلك المواقع التي ينبغي أن تخصص محميات بيئة طبيعية، إلى جانب منع عبث العابثين بالشواطئ ومنعهم من رمي المخلفات على مقربة منها، خاصة مع تزايد الأنشطة الاستثمارية في مجال السياحة، والعمل على تنمية المناطق الساحلية من الناحية البيئية والحد من تدهورها.
إنشرها