Author

من منا لا يملك تريليونا؟

|
عند ذكر المليون أو التريليون سيقفز إلى ذهن كل واحد منا المال، لأنه عادة ما يقال فلان مليونير أو ملياردير لمن يملك مليونا أو مليارا من الريالات أو الدولارات، وليس بالطبع كل الناس كذلك، لكن من المؤكد والثابت علميا أن كل واحد منا يملك تريليونات من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في أجسامنا وعلى أجسامنا، إذ يقدر عددها بـ39 ألف مليار لدى الشخص البالغ الذي يزن 70 كيلو جراما. هذه الجحافل المهولة العدد تشمل البكتيريا والفطريات وغيرها، ويكفي أن نعلم أن كل سنتيمتر مكعب من الأمعاء يحوي أكثر من عشرة مليارات جرثومة، وأن السنتيمتر المربع من الجلد يحتضن ما يزيد على مليار من البكتيريا، ولكن لنهدئ من روعنا فلو جمعت كلها وتم وزنها فلن تتعدى نصف كيلو جرام من وزننا الإجمالي، كما أنه ليس كل هذه المليارات من الكائنات ضارا في الظروف الطبيعية، بل إن كثيرا منها يقوم بمهام جسيمة ومتنوعة لمصلحة أجسامنا ودعم الوظائف الضرورية لصحتنا، فمنها ما يساعد على هضم مكونات الطعام، ومنها ما يساعد على تقوية الجهاز المناعي، ومنها ما يساعد على امتصاص الفيتامينات بل وتكوينها، ومنها ما يسهم في إنتاج مضادات الأكسدة وعدد من الأحماض العضوية التي تحافظ على البيئة الطبيعية في الأمعاء، فهي إذا تعيش حياة تكافلية مع أجسامنا ولا تعد ضارة إلا إذا ارتفع تركيزها في الجسم أو نزحت إلى منطقة أخرى فيه وحينها تكون خطيرة، وثبت علميا في دراسات حديثة أن الكائنات الدقيقة تقف وراء إصابة الإنسان بخمسة أنواع من السرطانات، خاصة سرطان القولون وسرطان المستقيم وذلك بعد هذين الجزأين أكثر أجزاء الأمعاء كثافة بالبكتيريا، ومنها أيضا ما يسبب الإسهال والتسمم الغذائي والإعياء والقرحة والالتهابات الرئوية والأمراض الجلدية والغرغرينا وغير ذلك، وللوقاية من أخطارها فإن من أهم الأمور الحرص على نظافة الجسم بصفة عامة والأماكن الحاضنة للبكتيريا في الجسم بصفة خاصة، وأهمها الفم والإبطين والأظافر واللسان وفروة الرأس والأنف والسرة. إن هذه الأعداد الهائلة من الكائنات الحية الدقيقة رافقت أجسادنا منذ نشأتها ولا ضير في ذلك، وكلما ازداد علمنا بما يشارك أجسادنا من عوالم وكائنات حية، ازددنا يقينا بجهلنا "وفي أنفسكم أفلا تبصرون"، "فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون" صدق الله العظيم.
إنشرها