«عين زبيدة» .. تراث عمراني فريد سقى الحجاج مئات الأعوام

«عين زبيدة» .. تراث عمراني فريد سقى الحجاج مئات الأعوام
شكلت قلة مصادر المياه في العصور الأولى مشكلة للحجاج."واس"

مع زيادة أعداد المسلمين في العصور الإسلامية الأولى، خاصة الأموي والعباسي، شكلت قلة مصادر المياه في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، معاناة لأهلها، ولا سيما في موسم الحج مع قدوم أعداد كبيرة من الحجاج والمعتمرين، الذين كانوا يواجهون صعوبات جمة من نقص المياه خلال رحلتهم صوب مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.
ورغم المحاولات الكبيرة لتوفير المياه للمشاعر المقدسة ومكة المكرمة في العهد الأموي، حيث بنيت السدود وحفرت الآبار والعيون، إلا أن إنشاء "عين زبيدة" في العصر العباسي عام 194هـ، جاء ليشكل حلا جذريا لمشكلة شح المياه في البقاع الطاهرة وما جاورها من قرى ومناطق، مئات الأعوام، فكانت المياه تتدفق من هذا الوقف الإسلامي العظيم بغزارة حتى أصبحت تسقي المزارع والحقول الواقعة قرب مسارها، ما جعلها مزارا سياحيا وريفيا لأهالي مكة المكرمة، وزوار بيت الحرام من حجاج ومعتمرين، وظلت كذلك إلى أن حلت محلها الأنابيب ووسائل الضخ الحديثة خلال العقود القليلة الماضية في العهد السعودي.
وتشكل "عين زبيدة" إرثا حضاريا وهندسيا عظيما، يجسد عظمة الإنسان الذي عاش في بلاد الحرمين والشريفين الطاهرة، التي شقت الجبال واخترقت الهضاب وطوعت التضاريس الصعبة لبناء حضارة إنسانية عظيمة جعلت الإنسان وتنميته وتلبية حاجاته في أولى اهتمامها، متخذة من كتاب الله الكريم وسنة المصطفى محمد بن عبدالله - عليه أفضل الصلاة والسلام - دستورا ومنهجا لخدمة البشرية كافة.
وقال الدكتور محمد الشريف، المؤرخ والباحث في تاريخ مكة المكرمة، إن "عين زبيدة" تمثل إرثا حضاريا وهندسة معمارية فريدة من نوعها، موضحا أن العين تنسب إلى زبيدة بنت جعفر بن المنصور، الهاشمية العباسية، زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد، وذلك عندما قصدت مكة المكرمة للحج عام 186 هـ، وجلبت إليها الماء من جبال الطائف في أقصى وادي نعمان، شرقي مكة، وأقامت الأقنية حتى أبلغت الماء إلى مكة.
وأفاد بأن مشروع زبيدة لم يبدأ به إلا بعد عام 194هـ، حسب ما أشار إليه عدد من المؤرخين.

الأكثر قراءة