Author

هل الثراء مصدر السعادة؟

|
هذا السؤال يطرح بين الفينة والأخرى وتختلف الآراء حول الإجابة حسب ظروف السائل والمسؤول. نعم نتفق أن المال من زينة الحياة الدنيا، ونؤمن بقول المعصوم - صلى الله عليه وسلم -، "نعم المال الصالح للرجل الصالح"، لكن ينبغي أن نعلم أن المال يجب أن يكون وسيلة لا غاية، لأنه إن كان غاية فلن يستطيع أحد أن يصل إليه، فلو أعطي ابن آدم واديين من ذهب لابتغى لهما ثالثا، وتركيز الإنسان على الوصول إلى السعادة من خلال تحقيق الثراء يؤدي إلى عدم تحقيق السعادة من الأساس، لأنه سيصبح دائم الإحساس بعدم الرضا عن وضعه المادي، أما إن كان وسيلة للخير والسعادة وحب الآخرين ومساعدتهم والرضا النفسي فهو أمر محمود. نحن نرى بعض الأثرياء يفتقد السعادة التي هي في الأساس شعور داخلي يحس به الإنسان بين جوانبه، في حين نرى بعض متوسطي الحال بل بعض الفقراء تعلو وجوههم ابتسامة الرضا. نعم، إنه لمن الطبيعي أن يكون للإنسان أهدافا يسعى إلى تحقيقها، ويرى أن بعضها لا يتحقق إلا بالحصول على المال وهذا حق مشروع، لكن ليوطن الثري نفسه أنه بمجرد ثرائه وانتشار ذلك بين الناس، فسيصبح في نظر البعض شخصا غير عادي ولا يحق له أن يشكو من أي شيء، ويجب أن يعيش في حالة من السعادة القصوى، وهذا بلا شك أمر متعذر فالثري مثله مثل أي شخص آخر تعتريه الظروف بل والمشكلات أحيانا، كما لن يصبح بمقدوره أن يميز بين احترام الناس هل هو لشخصه أم لماله؟ وعلى الصعيد الشخصي قد يقود الثراء إلى فقد الشخصية اللطيفة المتواضعة التي كان عليها سابقا، وسيساوره القلق من نقصان المال أو ضياعه. يقول وارن بافيت، وهو من الأغنياء بثروة تتجاوز 91 مليار دولار، إن "تضخم الثروات والأرصدة لن يجعل صاحبها أكثر سعادة" مؤكدا أنه عوضا عن انتظار المرء تكوين ثروة ليحقق السعادة، فإنه يمكن الاستمتاع خلال رحلة تحقيق الثراء. فالسعادة إذا لا تقاس بالمال وإنما بالرضا والقناعة. أفادتني القناعة كل عز ** وهل عز أعز من القناعة // فصيرها لنفسك رأسمال ** وصير بعدها التقوى بضاعة
إذا أردت أن تجمع بين الثراء والسعادة فاكتسب مالك من طرق مشروعة وأنفق منه، وليكن المال في يدك لا في قلبك.
إنشرها