سيتم تسجيل مكالمتك
افتراضيا، فإن الخدمات الإلكترونية من موقع وتطبيقات، وأرقام الاتصال لشركات الخدمات مثل الاتصالات وغيرها، سهلت وحسنت الخدمات. هذا في المجمل. لكن داخل هذا التحسن هناك شوائب لا يعرف هل هي مفتعلة عن قصد أم نتيجة عدم اهتمام من جهات رقابية من صلب مسؤوليتها الحفاظ على حقوق "العملاء"؟
لنأخذ قطاع الاتصالات أنموذجا:
* يجبر العميل أو المشترك عند الاتصال لطلب خدمة، سواء على رقم أو من خلال تطبيق، على سماع كم من الإعلانات لم يطلبها، وتستنزف وقتا وجهدا يتحمله "المستهلك"، والأولى بهيئة الاتصالات إذا كانت تحرص فعلا على حقوقه أن يتم تخييره، هل يود سماع إعلانات أم يذهب إلى الخدمة مباشرة.
* يتم تصنيف الخيارات آليا حسب "مزاج" الشركة، الذي يستهدف مزيدا من التسويق حتى يتوه "المستهلك" ليصل إلى مبتغاه إذا تمكن من الصبر والوصول، وفي الأغلب لا يستطيع دون مساعدة صديق.
وعلى الرغم من أن الوقت رأسمال الاتصالات بالدقائق والثواني، الذي يتم من خلاله نفض محفظته، إلا أن وقت المستهلك مستباح، إذ تم إيكاله إلى الآلي تحت شعارات متعددة، ظاهرها التحسين وباطنها التعقيد، أما الوصول إلى اتصال مباشر مع الموظف، فبين المستهلك وبينه محيط متلاطم من الدعايات حتى عند الوصول إلى موظف "بشري" قد يحيلك لعدم الاختصاص مرة أخرى إلى الموظف "الآلي" المهيمن.
والسؤال: هل يجرب المسؤولون في هيئة الاتصالات هذه الخدمات بين فترة وأخرى، ويعيدون تقييمها لمصلحة عدم استغلال المستهلك؟ أم أنها تركت لبرمجة متحيزة لمصلحة الشركات؟ في تصوري المبني على التجربة، أن البرمجة متحيزة ومرتبة لمصلحة الشركة، وهذا أمر طبيعي يكشف عن عدم وجود رقابة تهتم بمصلحة العميل أو المستهلك من قبل جهة لم تنشأ إلا لهذا الغرض وأغراض أخرى.
ولك أن تجرب الخروج من خدمة ما، بالإلغاء، لتعلم أنها وضعت في زاوية مظلمة من دهاليز الرد الآلي لا يعثر عليها إلا "الباخصون" في تلك الدهاليز.
ولأنه من الصعب على كثيرين قياس حقيقة الخدمات، خصوصا بالإنترنت و"فاعلية" التغطية ومداها، وكم البيانات المتحصل عليها مقابل ما يعلن عند رمي شبكة صيد العملاء، يمكن توقعها - هي الأخرى - أنها لمصلحة الشركات.
ومن الطريف أن الشركات تحرص على معرفة رأي العميل أو المشترك حول "تعامل" ممثلها أو موظفها، فعند الاتصال يقول الرد الآلي إنه سيسجل المكالمة لغرض "تحسين" الخدمة، ويطلب تقييم "الموظف"، وهو الحلقة الأضعف، لكنه لا يطلب تقييم خدمات الشركة نفسها وإدارتها كلها.