«التنافسية السعودية» والإنجاز الاستثنائي

أثبتت الحكومة السعودية كفاءة في العمل عن بعد، ظهرت مع النجاحات الكبيرة التي تمت في جميع المستويات خلال تفشي انتشار فيروس كوفيد - 19، فقد نجحت المؤسسات الحكومية في تشغيل أعمالها وتنفيذ كثير من أنشطتها ومبادراتها المرتبطة برؤية المملكة 2030، ولمسنا ذلك مباشرة من خلال الأعمال، التي قام بها عديد من الوزارات والهيئات كل فيما يخصه، وكان مجلس الوزراء الذي انعقدت جلساته كافة من خلال الاتصال عن بعد، نموذجا مثاليا لمؤسسات الدولة، كما أن مجلس الشورى نجح في عقد جلساته من خلال الاتصال عن بعد. وتأتي هذه النجاحات المتسارعة لمواكبة التطورات المتلاحقة التي تشهدها السعودية في جميع الجوانب، خاصة الاقتصادية والمشاريع التنموية.
وعلى هذا المنوال والنهج، واستمرت أنشطة الدولة الأساسية تعمل بكفاءة عالية، وهذا ظهر واضحا في تقدم المملكة في مؤشرات عالمية مختلفة، كان آخرها مؤشر التنافسية العالمية، الذي تقدمت فيه السعودية من المرتبة الـ26 إلى المرتبة الـ24. وهذا إنجاز يستحق الإشادة في الأوقات العادية، فكيف في هذه الأوقات التي تطلبت مهارات غير عادية، سواء في إدارة العمل والفرق أو حتى في الاتصال. لذا، فإن التقدم الذي أحرز يعد مؤشرا بذاته على كفاءة أعمال الحكومة السعودية خلال الأزمة، ومؤشرا على أنها أضافت للموظف السعودي كثيرا من المهارات.
لكن الإنجاز لم يقف عند حد التقدم في مؤشر التنافسية، بل جاء في التقرير أن المملكة تعد الدولة الوحيدة التي أحرزت تقدما استثنائيا على مستوى الشرق الأوسط والخليج العربي، وتفوقت على عدد من دول مجموعة العشرين ذوات اقتصادات متقدمة في العالم، مثل روسيا وفرنسا واليابان وإيطاليا والهند والأرجنتين وإندونيسيا والمكسيك والبرازيل، وهذا أيضا يعود إلى تفوق الموظف السعودي في فترة الأزمة، وأن هناك جهودا كبيرة قد أنجزت، مع المحافظة على أرواح الناس، وأيضا تحقيق بيئات عمل مثالية في الظروف الراهنة.
أظهر التقرير أن ترتيب المملكة قد تحسن في ثلاثة من أصل أربعة محاور رئيسة يقيسها التقرير، وهي محور الأداء الاقتصادي الذي قفزت فيه المملكة من المرتبة الـ30 إلى المرتبة الـ20، ثم محور كفاءة الأعمال، وتقدمت فيه من المرتبة الـ25 إلى المرتبة الـ19، ومحور البنية التحتية، الذي تقدمت فيه من المرتبة الـ38 إلى المرتبة الـ36.
ومن هذا المنطلق، فإن هذه المحاور تقدم دليلا على أن المملكة استطاعت تجاوز المخاطر الاقتصادية والإدارية المرتبطة بانقطاع الأعمال، وهي - عادة - من أصعب الأنواع التي يمكن مجابهتها، فالتقدم في محوري الاقتصاد والأعمال، دليل إضافي على متانة البنية الإدارية في السعودية، وقدرتها على مواجهة المخاطر المختلفة والتعامل معها، كما أن في ذلك التقدم دليلا على عمق الإصلاحات التي تسير بها المملكة في بيئة الأعمال - كما صرح بذلك وزير التجارة رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للتنافسية - وأنه جاء نتيجة التعاون الكبير بين 50 جهة حكومية في مركز "تيسير". هذا بذاته يقدم دليلا على كفاءة الأعمال الحكومية في المملكة خلال الأزمة، ذلك أن تنسيق أعمال مركز مكون من 50 جهة حكومية، عمل بالغ الصعوبة في الظروف العادية فكيف في ظروف الإغلاق العام؟ هذه النجاحات التي تتحقق يوما بعد يوم، تقربنا من تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، وتقدم رسالة صادقة للعالم أن السعودية ماضية قدما في تحقيق رؤيتها مهما كانت التحديات.
يذكر أن العالم اليوم يبحث عن فرص استثمارية ومنصات آمنة، وتحقيق السعودية هذا التقدم الملموس في التنافسية العالمية، يبعث برسالة لرؤوس الأموال في العالم كافة، أن تستفيد من هذه البيئة الاقتصادية الفاعلة والمنتجة والآمنة، ما يجلب للمملكة تدفقات قوية من الأموال الأجنبية التي تحقق استثمارات كبيرة تدعم فرص التوظيف والتنوع الاقتصادي، وهو ما سينعكس إيجابا في المستقبل على قدرة الاقتصاد السعودي على التنافسية واعتلائه عرش هذا المؤشر قريبا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي