الأسفلت المصهور

ابتهج المهتمون بالبيئة بمشاهدة صور ومقاطع للقوات الخاصة للأمن البيئي وهي تمارس عملها، وتزامن مع هذا الظهور خطوة نوعية أخرى شاركت فيها جهات عدة من بينها وزارة البيئة وهيئة تطوير الرياض تمثلت في نقل شجرة معمرة من حي سكني إلى أحد مواقع التشجير ضمن مشروع الرياض الخضراء وعملية النقل التي بثت في مقطع مصور استغرقت، حسبما ذكرته صحف ومواقع، 48 ساعة. ولا شك أن هذه علامات جيدة كدليل على الاهتمام بالبيئة، وأرجو ألا يكون حدود الهدف الحضور الإعلامي المؤقت، وبفعل قرب حلول مناسبات دولية مثل يوم البيئة العالمي الذي حل قبل ثلاثة أيام، ما تحتاج إليه البيئة من حماية وتنمية وزيادة وعي في الحفاظ عليها هو عمل مستدام لا يكتفي بنسخ تجارب خارجية، بل يضيف إليها. إن من المشاهد الدالة على الاهتمام الحقيقي بالبيئة سرعة الاستجابة لما يحدث وما يثار وينشر من أخبار، ففي الفترة نفسها تقريبا باشر الدفاع المدني في حائل التعامل مع احتجاز قطيع ماشية في بركة أسفلت سائل من مخلفات شركات صيانة أو إنشاء طرق. واللافت أنه باستثناء الدفاع المدني، لا توجد جهة اهتمت أو علقت على هذا الاعتداء على البيئة وفخ الأسفلت المصهور الذي تنصبه شركات لم يردعها النظام ولا تعلن أسماؤها إذا طبق عليها، لا وزارة البيئة المعنية ولا هيئة أو وزارة النقل التي تقع الشركات تحت إشرافها، مع أن برك الأسفلت التي تخلفها شركات، والسقوط فيها للبشر والحيوانات في برارينا، ليست بالحدث النادر، ويمكن باللجوء إلى "جوجل" لرصد أحداث مشابهة، وتكرارها على خطورته دليل على أن هناك فجوة في ردع أعداء البيئة، بل إنه يمكن ملاحظة أنه يتكرر في مواقع معينة وكأنه يشير إلى شركات بعينها إذا ما كانت هي المستمرة في مقاولات طرق تلك المواقع. ورمي مخلفات مثل مواد كيماوية وأسفلت، يختلف عن رمي النفايات العادية، فهو أكثر خطورة بمراحل، ما يفترض أن يعامل معاملة خاصة وعقوبات مؤثرة، وتكراره في مواقع بذاتها يشير إلى مشكلة رقابية لدى الجهات الحكومية في تلك المواقع.
 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي