أمريكا بين أزمتين .. الانتعاش لن يحدث من تلقاء نفسه «2 من 2»

مع سيطرة الحزب الجمهوري على ثلاث نقاط من حق الفيتو الأربع التي تتمتع بها الحكومة الأمريكية "الرئاسة، ومجلس الشيوخ، والمحكمة العليا"، لن تتمكن أمريكا من تحقيق استجابة متماسكة للأزمات المتزايدة التي تشهدها على الأقل حتى كانون الثاني (يناير) 2021. يبذل الجمهوريون بالفعل كل ما بوسعهم لمنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم قبل موعد الانتخابات في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. لكن في حال فشلت تلك الجهود ونجح الديمقراطيون في الاستيلاء مجددا على البيت الأبيض وربما حتى مجلس الشيوخ، فما الذي يتعين على الجمهوريين القيام به لإنقاذ أمريكا من عقد ضائع آخر؟
أولا وقبل كل شيء، يتعين على الحزب الديمقراطي الالتزام دون قيد أو شرط بالمبدأ الذي يقضي بمنح كل أمريكي الحق في الحصول على وظيفة. وفي حين ليس من الضروري أن تكون هذه الوظيفة ذات دخل مرتفع، إلا أنها يجب أن تكون كافية لإبقاء أسر العاملين فوق عتبة الفقر. يجب الحكم على كل سياسة قيد النظر بناء على ما إذا كانت تتوافق مع هذا المبدأ.
إن الالتزام الفيدرالي بالعمالة الكاملة ليس فكرة جديدة. تبنى قانون العمل الأمريكي لعام 1946 هذا المبدأ، لكنه تراجع منذ ذلك الحين بسبب الشكاوى التي تفيد بأن دعم الحكومة للعمالة الكاملة لا يمكن تحمله. كان يتمثل الرد الأفضل لمثل هذه الاعتراضات في تعليق جون ماينارد كينز الساخر أثناء خطاب إذاعي على هيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي" عام 1942 بأن "كل ما نستطيع القيام به، يمكننا تحمل تكاليفه". ما كان يعنيه هو أن النظام المالي لا يعمل كقيود مستقلة ملزمة على الأنشطة الاقتصادية، بل هو موجود تحديدا لدعم هذه الأنشطة.
إن العثور على وظائف مفيدة للراغبين في البحث عن عمل هو بالتأكيد أمر نستطيع القيام به. من شأن تعديل المدفوعات والهياكل المالية السائدة لدعم العمالة الكاملة أن تكون له عواقب بلا شك. على سبيل المثال، قد نكتشف أنه في ظل ظروف العمالة الكاملة سيتعين على الأغنياء تحمل مخاطر كبيرة من أجل تحقيق نمو مضاعف مستدام على ثرواتهم. وكما جادل كينز، فإن التوظيف الكامل "سيؤدي إلى معدل فائدة أقل بكثير" وبالتالي سيكون بمنزلة "القتل الرحيم لاقتصاد الريع". فليكن الأمر كذلك. للحفاظ على أسلوب حياتهم الفاخر، سيتعين على الأغنياء إما إنفاق رؤوس أموالهم أو الرهان على الاستثمار في المشاريع الخطرة.
قد يتطلب دعم العمالة الكاملة أيضا فرض ضرائب أعلى وأكثر تصاعدية، وقد يؤدي إلى مستويات من الدين العام تبدو غير منطقية بالنسبة لأولئك الذين عاشوا خلال السبعينيات. فليكن كذلك. إذا كان ارتفاع نسبة الدين مطلوبا لتحقيق العمالة الكاملة على المدى المتوسط، فهذا مبرر كاف. لكن قد تكون له عواقب وخيمة في حال تحول الاقتصاد من ركوده العلماني الحالي عندها لن يكون ارتفاع نسبة الديون ضروريا.
أخيرا، قد تتطلب استعادة العمالة الكاملة والمحافظة عليها تحويل الطلب من استهلاك النخبة إلى قطاعات كثيفة العمالة مثل الصحة العامة. وقد تتطلب أيضا إنشاء برنامج على نطاق واسع للأشغال العامة كثيف العمالة. فليكن. حان الوقت لجعل العمالة الكاملة أولويتنا القصوى. بمجرد أن نقوم بذلك، سيكون كل شيء بعد ذلك على ما يرام.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2020.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي