السلع الفاخرة .. ضحية الأزمات الكبرى

يمكن القول إن السلع الفاخرة كانت من أوائل ضحايا الأزمة الاقتصادية الراهنة الناتجة عن تفشي وباء كورونا المستجد، بما في ذلك السيارات الفاخرة التي أعلنت الشركات المصنعة لها تراجعا كبيرا في عوائدها في الربع الأول من العام الجاري. والسلع الفاخرة عموما تتعرض دائما للتراجع في الأزمات الكبرى. ففي الأزمة التي ضربت العالم عام 2008، تصدرت أيضا قائمة الضحايا، لأن نسبة كبيرة من زبائنها الذين يقتنونها، تفضل الاحتفاظ بالسيولة لديها، مع بعض الاستثناءات المفهومة. ومن المشكلات التي تواجه هذا النوع من السلع، أن مصنعيها يترددون كثيرا قبل أن يتخذوا قرارات بتخفيض أسعارها، وذلك للإبقاء على مستواها، الأمر الذي يدفع العوائد وبعدها الخسائر إلى الانخفاض شيئا فشيئا.
المبيعات انخفضت والأرباح معها بالطبع، ومن المتوقع أن تواصل الانخفاض في المسارين إذا ما استمرت الأزمة الاقتصادية على حالها. فالعالم دخل في حالة من الركود، يخشى الجميع أن تطول فتتحول إلى كساد لن يتحمله الاقتصاد الدولي، الذي كان يعاني أصلا حتى قبل انفجار فيروس كورونا. وفي نهاية الربع الأول من العام الجاري، أعلنت مجموعة كبيرة من الشركات المنتجة للسلع الفاخرة تراجع أرباحها، وأكدت أنه بحلول نهاية العام الراهن سيتعمق انخفاض الأرباح، حتى لو بدأ الاقتصاد العالمي في التعافي. المشكلة هنا، أن كل الجهات الدولية المختصة تتوقع أن تكون عملية التعافي هذه طويلة، ما يرفع الضغوط على كل القطاعات الفاخرة وغيرها. في حين أن الحكومات لا تقف عادة بقوة إلى جانب هذا النوع من الأسواق، وذلك لتركيزها على إنقاذ قطاعات محورية أخرى تتعلق بالحركة الأشمل للاقتصاد.
في الأشهر الأولى من العام الجاري، انخفضت المبيعات 18 في المائة بأسعار الصرف الحقيقية، وهذا الانخفاض تركز في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ووفق آخر الأرقام شهدت هونج كونج التي تعد أكبر سوق لصناعة الساعات السويسرية انخفاضا في المبيعات بنسبة 67 في المائة، في حين انخفضت في أوروبا 9 في المائة. مع ضرورة الإشارة إلى أنها ارتفعت بمعدل 9 في المائة في الأمريكيتين. وتشير الإحصائيات، إلى أن قطاع الساعات الفاخرة كان الأكثر تضررا من جراء إغلاق الاقتصادات في العالم سواء بصورة جزئية أو كلية. وكذلك الأمر في ميدان المجوهرات الذي يواجه ضغوطا كبيرة. والجميع يتفق على أن هذه الضغوط ستتواصل حتى نهاية العام الحالي، بصرف النظر عن الحالة الاقتصادية التي ستتشكل حتى نهاية المدة المشار إليها.
يؤكد الخبراء أن انخفاض الإيرادات سيرتفع بصورة كبيرة في الفترة بين الشهرين الرابع والسادس من هذا العام، ما يعزز التوقعات الأخرى التي تتحدث عن تراجع كبير في النصف الثاني من العام الحالي. ويبدو واضحا، أن سوق السلع الفاخرة ليست إلا ضحية أخرى من ضحايا إغلاقات الاقتصادات وتركيز الحكومات على حزم إنقاذ تستهدف ميادين أكثر أهمية على الساحات المحلية، خصوصا في ظل تصاعد معدلات البطالة، واضطرار آلاف الشركات إلى إعلان إفلاسها، أو في أفضل الأحوال اللجوء إلى التمويل الحكومي، أو الحصول على قروض بلا فوائد تضمنها الحكومات نفسها. وستكون المدة اللازمة لتعافي هذا القطاع الكبير طويلة أيضا، ولا سيما في ظل الضغوط المالية التي يتعرض لها زبائن السلع والسيارات الفاخرة حول العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي