الكسل نعمة

كثيرة هي المعتقدات والقناعات القديمة التي يجب أن نتخلص منها لنحقق النجاح على جميع الأصعدة، فكثرة العمل وطول ساعاته وبذل مجهود كبير فيه، قد لا يصل بك إلى ما تطمح إليه، فمعادلة النجاح بمفهومها الجديد التي أنكرناها لزمن طويل هي بذل القليل من الجهد والحصول على الربح الوفير!
كل الاختراعات تدعوك إلى الكسل وتوفير وقتك وجهدك، بل إن أكبر أسبابها حب الإنسان للراحة كباقي مخلوقات الله، التي تسلك أقصر الطرق للنجاح فمثلا، لو تابعت برنامجا وثائقيا على قناة ناشيونال جيوغرافيك ستشاهد كيف تفوز الحيوانات المفترسة بفرائسها، إنها تقف، تفكر، تتربص، وتنتظر اقتراب الفريسة ثم تنقض عليها، ولو صدف أن طاردتها تجدها تقف في منتصف الطريق حين تعتقد أن فائدة الفوز بالفريسة لا يساوي جهدها المبذول!
في عالم الكيمياء وعلى مستوى المكونات الأساسية للكون "الذرة والإلكترونات"، تجد الإلكترونات تدور حول النواة في المدار الأكثر راحة لتوفير الجهد والطاقة وتنتقل من مستوى الطاقة الأعلى للأقل، لتتم العدد المطلوب لمدارها ولا تغادره إلا بطاقة خارجية عظمى تبذل عليها!
تقول الروائية أجاثا كريستي، "لا أعتقد أن الحاجة أم الاختراع، فالاختراع في رأيي ينبع مباشرة من الفراغ وربما من الكسل أيضا، وغرضه أن يوفر المرء على نفسه الجهد.."، إذا المسبب والهدف واحد في النهاية "الكسل" الذي نسميه بعدة أسماء وصفات جميلة للابتعاد عن كلمة كسل.
في الواقع أن كل البشر وبالذات المخترعين يسعون إلى الوصول لقمة الكسل للراحة للرفاهية للنجاح، لجني المكاسب بأقل جهد ولنصلها نحتاج فقط إلى الراحة والتفكير الخلاق. من أعظم الاختراعات "كاميرا الويب" التي لا غنى لنا عنها اليوم وزادت الحاجة إليها مع الحظر المفروض على العالم بأسره. سبب اختراعها كسل مخترعيها وعدم رغبتهم للذهاب إلى الغرفة المجاورة التي توجد بها آلة القهوة للحصول على كوب من القهوة الساخنة، فهم قد يبذلون مجهودا ويذهبون هناك ليجدوا أن الآلة فارغة لذا فكروا باختراع ينقل لهم منسوب القهوة دون الحاجة للتنقل، فكان اختراع كاميرا الويب الذي يعد اليوم من أعظم الاختراعات الحديثة، فقد أتاح لنا عبر البث الأحداث مباشرة من موقع الحدث ومكننا من التحاور والتواصل عن بعد، إضافة إلى متابعة ما يحدث في منازلنا وشوارعنا ومتاجرنا، وحل بواسطته كثيرا من الجرائم والقضايا المحلية والدولية ولم نعد نستغني عنه في حياتنا اليومية!
الكسل ليس عيبا طالما حقق صاحبه نجاحا وربحا يفوق ربح الكادحين من الناس، يقول توماس أدسون، "أي شيء لن يباع لا يهمني اختراعه، فالبيع دليل الحاجة والاستخدام دليل النجاح".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي