أكثر ألما .. أكثر حقارة

الفساد في الأوقات العادية يعد خيانة واضحة، وفي أوقات الأزمات يكون خيانة وطنية واضحة وفاضحة. في الحالة الأولى يمكن أن يكون جرما ويمكن - في حدود فلسفة الخير والشر البشرية - تصنيفه، لكنه في الحالة الثانية يصعب وصفه وتصنيفه.

الحكومة السعودية اليقظة ضبطت مجرمين جددا في قضايا فساد ارتبطت بالجائحة التي تمر بالعالم. أشخاص لا يمكن وصفهم بتجار الأزمات لأنهم أسوأ منهم. إنهم خونة خانوا وطنهم وقيادتهم ومواطنيهم في ظروف خاصة تستلزم كثيرا من الإخلاص والعمل والتكاتف.

مؤلم أن يستغل الوطن من مواطنيه، وأن يخون إنسان الأمانة، لتحقيق كسب مادي هو الأحقر من نوعه، لأنه يأتي استغلالا لمال تبذله الحكومة في حماية البشر على أرضها، في الحفاظ على صحتهم. مؤلم أن يكون هؤلاء موظفين حكوميين يشهدون بأعينهم كل لحظة ما تفعله الحكومة لهم ولأهلهم.

كانت ضربة حكومية موفقة للفساد، لأن الفاسدين توقعوا أن انشغال الجميع بالجائحة سيمرر جرائمهم، لكنهم نسوا أن هذا الانشغال جزء من انشغال دائم بمصلحة الناس والبلاد، وتناسوا في سكرة الطمع أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أكد بأنه، "لن ينجو أحد من الفاسدين".

ورغم الألم الذي تسببوا فيه وهم يستغلون سخاء الحكومة في الإنفاق على حماية وعلاج الناس، فإن الجميع فرح أن لا شيء يمر حتى في أصعب الظروف، وإن الضرب بيد من حديد على الفساد والمفسدين ديدن دائم.

نتمنى جميعا أن تغلظ عليهم العقوبة، لأنهم ليسوا فقط سارقين للمال العام، بل سارقون لمال عام خصص للرعاية والحماية من هذه الجائحة، أي أن جرمهم يعد مضاعفا، وبالمثل نتمنى أن تضاعف مكافأة من ضبطهم لأنها ضبطية مهمة في توقيت مهم، ولأنه انتبه إلى مال لم يكن يخطر في البال أن يفكر أحد في سرقته فسادا وعدوانا، حسبنا الله عليهم، وعلى كل فاسد.

شهدنا خلال الجائحة قصص فساد مختلفة من بعض ضعاف النفوس، لكن أغلبها كان في السوق حيث عمد أناس أغلبهم مقيمون - يتحمل المتسترون عليهم المسؤولية نفسها - يغشون بضائع أو يحتكرون أغذية وكنا نتألم ونتساءل، كيف تطيعهم قلوبهم أن يضروا البلد الذي وفر لهم عيشا كريما، هذا الألم وهذه الأسئلة تتضاعف عندما نسأل المواطنين الفاسدين أعلاه، هل هذا جزاء الوطن وأهله؟!.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي